النواب الذين عادوا للحديث عن تعديل الدستور لإضافة مادة أو إعادة صياغة مادة لإضافة ما يؤكد الالتزام بالثوابت الشرعية يبدو لي أنهم يريدون تبرئة أنفسهم أمام قادتهم ومريديهم، فهم حاولوا لكن النواب المسلمين الآخرين لم يجدوا سببا ولا داعيا لتأكيد إسلامية دولة مسلمة. وهو مسلسل يتكرر كل فصل تشريعي وكأنه مقرر علينا، ومع أن الأمر واضح ولا أحد يستطيع أن ينال من التزام الناس بدينهم أو ينتقص منه إلا أن هؤلاء ما زالوا ينظرون للشعب الكويتي نظرة الأب الذي لم يبلغ أبناؤه سن الرشد ويريد إرشادهم للطريق الصحيح.يا سادة نحن كبرنا وعشنا بهذا الدستور أكثر من خمسين عاما، ولم يتغير أحد عن دينه ومذهبه ولن يتغير، والدين حياة والحياة تتطلب العلم بالدين وما يحدث في الدنيا، وتتطلب تبسيط نواحي التعايش مع العالم وفيما بيننا في مجتمعنا الصغير. ندرك ما علينا تجاه ربنا، ونتطلع إلى اللحاق بالعلم وركب الحضارة الحديثة.
والدستور ليس قرآنا ويجب ألا يتحول أو يحل محل القرآن أو أي دين سماوي آخر، الدستور لتنظيم حياتنا ولا علاقة له بعبادتنا لربنا، وإضافة مواد لا تعني أننا سنكون أكثر تديناً وإلا كان هذا استهانة بقوة قرآننا، أنتم تريدون تأكيد المؤكد وترون أن مادة في دستور الكويت أقوى من مصحف كامل بين أيدينا منذ أكثر من أربعة عشر قرنا.لا تتكسبوا على حسابنا وعلى حساب البلد، فأمامنا قضايا دنيوية كثيرة لو حققتم جزءا بسيطا منها لأرضيتم خالقنا وعلى رأسها التشريع الحامي للبلاد من الفساد والمفسدين، لا تهربوا من الواقع ولا تحرفوا المجلس عن مساره ولا تضيعوا الوقت في نقاشات لا داعي لها، فما تفعلونه ليس ببعيد عما يتعمده البعض من طرح قضايا جانبية وإشعال حريق متعمد يتبادل فيه الناس الشتائم ويزيد من الشقاق على حساب قضايا الوطن ومستقبله.الدين يجب ألا يكون وسيلة للتكسب الشخصي والبروز الاجتماعي وإعادة الانتخاب، الدين يجب أن نمارسه في الشجاعة بقول الحق، والوقوف مع الحق والعدل، وأن نسعى في مجلس الأمة الكويتي إلى العمل معا لإيقاف الفساد بقوانين واضحة وحازمة، وإعادة النظر في كل القوانين التي ترفع من شأن الوطن وتضعه في مصاف الدول الحرة والديمقراطية المحترمة داخليا وخارجيا. نريد إخراج الكويت من حالة التدهور في معظم نواحي الحياة فيها وبناء وطن ومواطن حكومة وشعبا لتعود الكويت واحة للمحبة والسعادة والتقدم، نريد أن نرى نوابا صادقين على ما عاهدوا الله والناس عليه، لا نوابا يقولون ما لا يفعلون، نوابا لا يمكن شراؤهم ولا يخشون في الحق لومة لائم، نوابا يضعون الكويت ومستقبلها وأمان أهلها في مقدمة أولوياتهم، وعندها تكونون قد أخلصتم لدينكم ليس بالقول أو إضافة مادة أو حذفها وإنما بالعمل الحقيقي لمصلحة الوطن.
مقالات
«عادت ريمة...»
21-02-2017