الصدر يدعم مطلب سُنّة العراق بإشراف دولي على العملية السياسية
«غزَل» بين زعيم التيار «الصدري» ومعارضين للنفوذ الإيراني
ساعات فقط كانت تفصل بين مبادرة أطلقها زعيم التيار الصدري لترتيب أوضاع ما بعد «داعش» في كبريات المدن السنية العراقية، وورقةٍ أقرها القادة السنة في جنيف بحضور مسؤولين أوروبيين وأميركيين، وكان أبرز ما طرحه مقتدى الصدر يتطابق مع أهم ما يطالب به الموصليون والأنباريون، وهو وجود إشراف من الأمم المتحدة على العملية الانتخابية والسياسية في المناطق المحررة من داعش، في ضربة مباشرة لطموحات النفوذ الإيراني هناك.وتحاول إيران إزاحة القادة السنة العراقيين الذين يعارضون نفوذها، وتستخدم حلفاءها في بغداد لملاحقتهم قضائياً، وتريد خلق طبقة سياسية جديدة من نواب وشيوخ قبائل مغمورين، بينما تحاول الأحزاب السنية الاستنجاد بالأمم المتحدة وواشنطن لبناء واقع سياسي مستقل في الموصل والرمادي خصوصاً، يصحح أخطاء حقبة نوري المالكي رئيس الحكومة السابق، منعاً لظهور تطرف عنفي جديد بعد التخلص من داعش.ونظمت مراكز أبحاث أوروبية، نهاية الأسبوع، لقاء جمع القادة السنة الملاحقين في حقبة نوري المالكي، حضره ممثلون عن القوى الأوروبية، ومسؤولون أميركيون من طراز ديفيد بترايوس قائد الجيوش الأميركية السابق في العراق، ووقعوا وثيقة تتضمن تصوراتهم عن شكل العملية السياسية في المناطق المحررة من داعش، أبرز ما فيها المطالبة باللامركزية والفدرالية المنصوص عليها في الدستور، ودعوة الأمم المتحدة إلى أن تتدخل لفرض الحلول، لأن الجناح الشيعي المتشدد وفصائله المدعومة من إيران يريدون فرض واقع آخر على المناطق السنية.
وأثناء تسريب هذه الفقرات أطلق مقتدى الصدر مبادرته التي جاءت في نسق واحد تقريباً مع الورقة السنية، ودعا إلى حوار تصالحي يستثني حزب البعث، وطلب أن تتولى الأمم المتحدة الإشراف على الواقع السياسي في المناطق المحررة، وهو أول زعيم شيعي يوافق على هذا المطلب السني المطروح منذ سنوات.ويعني هذا أن الصدر دخل في مواجهة مباشرة مع الجناح الإيراني في العراق الذي يستعد لخلق «بديل سني» يخلف الفريق السني الفاعل «رافع العيساوي، وآل النجيفي، وخميس الخنجر»، الذين أشار الصدر في مبادرته إلى ضرورة الحوار معهم وحمايتهم بالإشراف الأممي.ورغم أنه يتحمس للتعامل الإيجابي مع القادة السنة، فإن الصدر سبق أن تجاهل مبادرة صلح تقدم بها عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الداعي دوما للحوار مع «السنة الفاعلين»، والكف عن محاولات خلق «طبقة هزيلة» تأتمر بما يريده المتشددون في طهران، وتحظى هذه الرؤية الشيعية المعتدلة بمباركة دائمة من النجف، لكن اختلاط الأوراق داخلياً وإقليمياً جعل النجف والصدر غير متحمسين لخطوة الحكيم.إلا أن زعيم التيار الصدري وعد بطرح «بديل» يعالج مرحلة ما بعد داعش في الموصل خصوصاً، وسارعت الأحزاب السنية إلى تأييد ذلك، رغم انتقادات توجه إلى المبادرة بأنها لم تنتج عن حوار داخلي مسبق، ولم تحرص على البحث عن شركاء يعضدونها، في مواجهة معارضة مؤكدة يتصدرها نوري المالكي والفصائل المسلحة الغاضبة من «فيتو» أميركي منعها من دخول الموصل، وتضييق يقوم به رئيس الحكومة حيدر العبادي على تسليحها ونفوذها، استعداداً لفصل الانتخابات الساخن المتوقع بين خريف العام الجاري وصيف السنة المقبلة.