إعادة هيكلة
نحن بحاجة لإعادة هيكلة الشكل الإداري لمؤسسات الدولة؛ للوصول إلى بيئة عمل أكثر جودة بدلا من تجاهل وضع قائم خطأ تسبب وسيتسبب بالكثير من المشاكل مستقبلاً.
بغض النظر عن المشكلة القائمة حاليا والمتعلقة بوزير الصحة المقيد كما يبدو، سواء من الحكومة أو من النظام الإداري، فإني أتحدث اليوم عن خلل إداري قائم منذ مدة في الجهات التنفيذية، بل إن هذا الخلل قد يكون سببا في الإطاحة بالعديد من الوزراء السابقين لأمر خارج عن إرادتهم أو سيطرتهم.إن الوضع الطبيعي لاستلام زمام إدارة أي موقع يتطلب معطيات أساسية، أهمها اختيار فريق العمل المساند، فمدرب كرة القدم يختار مساعده (باستثناء نادي القادسية حاليا برئاسة خالد) وأي رئيس تنفيذي لأي شركة لكي يتمكن من النهوض بعمله يجب أن يتجانس مع إدارته العليا. وهو الأمر نفسه على كل المسؤوليات الإدارية مهما اختلفت درجتها وأهميتها، إلا في وزارات الدولة فالمسألة في المناصب العليا مرهونة بقيود الخدمة المدنية أو الترضيات السياسية في أكثر الأحيان، وهو الأمر الذي يعرقل بلا شك رؤى أي وزير لا يملك من أمره شيئا أمام سطوة وكلاء تربعوا في مناصبهم لسنوات تفوق تمكن الوزير من السيطرة عليها.
لا بد أن يكون لأي وزير صلاحية اختيار الإدارة العليا لوزارته، لتعكس رؤاه وتطلعاته لتحسين وتطوير عمل الوزارة، على أن تكون تلك الصلاحية ضمن أُطر ومعايير واضحة، كالمؤهل الدراسي وسنوات خبرة عملية معينة في الإدارة، لضمان عدم إطلاق يد الوزراء لاختيارات مبنية على أسس غير سليمة.قد يقول قائل إن هذا الأمر قد يهضم حقوق العاملين والمجتهدين في الوزارات من الترقي والتدرج الوظيفي، وهي حجة أتفهمها وبالإمكان معالجتها من خلال تسلسل إداري جديد في وزارات الدولة، كفيل بأن يضمن حقوق العاملين والمجتهدين في الوزارات، على أن تكون الإدارة العليا لرسم سياسات الوزارة العامة بيد الوزير وطاقمه الإداري الخاص، ليتمكن فعلا من إدارة وزارته ومحاسبته المستحقة على تلك الإدارة في حال الإخفاق.إننا اليوم سلمنا زمام الأمور لوكلاء الوزارات للتحكم في مصير الوزراء، فما على هؤلاء الوكلاء سوى الإخلال بمهامهم بشكل أو بآخر، لتقع المسؤولية السياسية حينها على الوزير الذي قد يبعد عن الوزارة دون ذنب اقترفه.نعم نحن بحاجة لإعادة هيكلة الشكل الإداري لمؤسسات الدولة؛ للوصول إلى بيئة عمل أكثر جودة بدلا من تجاهل وضع قائم خطأ تسبب وسيتسبب بالكثير من المشاكل مستقبلاً.