إذا ما استبعدنا العواطف التي حكمت وما زالت تحكم الكثير من المواقف السياسية، فإني أعتقد أن المسرح السياسي المحلي ومن ضمنه العمل البرلماني سيشهدان تحولا نوعيا خلال الشهرين القادمين، ذلك التحول مرتبط بشكل رئيسي بخروج النائب السابق مسلم البراك من السجن، وعودة الحماس للعمل السياسي الضاغط من خارج البرلمان على مجلس الأمة والحكومة، بالرغم من وجود الكثير من رفاق "بوحمود" داخل المجلس، وهنا يكمن التحول لأن المعارضة لا تنشط إلا عندما تكون خارج البرلمان أو تمنع من ممارسة حقها في الكلام تحت القبة، ولكن في قادم الأيام ستكون لدينا معارضة داخل البرلمان ومعارضة خارج البرلمان لن تكون متهاونة مع جماعة الداخل، ولا يتوقع أن تكون رحيمة مع الحكومة.من يعرف "بو حمود" جيداً يعلم أنه لن يقنع بالمعادلة السياسية القائمة حتى لو كان من داخل المجلس من رفاقه السابقين في المقاطعة، وسيحاول بعد أن يجمع شتات من تبقى من المستمرين في المقاطعة والقواعد الصلبة المؤيدة له على خلق اصطفاف ضاغط على أداء مجلس الأمة، وتوجيه ذلك الضغط باتجاه الحكومة التي لا تعرف التنفس إلا في مجلس شبيه بمجلس 2013م.
لقد ظهر بعض رفاق "بو حمود" في غياب "بو حمود" أكثر رقة وطول بال وتقلب في التعامل مع الحكومة، وهذا الوضع مفهوم بعد قبولهم بما كانوا "يحلفون" بأنهم لن يقبلوا به، ولكن هذا الوضع لن يستمر عندما تعمل مدفعية "بو حمود" كعادته في قصف المواقف غير الواضحة أو المتمهلة في قضايا تم تصنيفها في قاموس معارضة 2009 وما تلاها بأنها شعبية ومصيرية؛ كمحاربة الفساد أو مقاومة العبث بجيوب ذوي الدخل المحدود، ناهيك عن ملف "سحب الجناسي" الذي استعملته الحكومة كسلاح فتاك ضد المعارضة إبان تفردها بالعملية السياسية.إن عنوان التحول النوعي القادم في المسرح السياسي هو تنامي حدة الضغط السياسي من خارج البرلمان على البرلمان، ليس بسبب خروج شخصية شعبية من السجن، ولكن لأن تلك الشخصية تمتلك مقومات "الحشد" لما هو موجود فعلا، ولكنه مبعثر بلا رأس ولا خطاب شبه موحد، ولأن تداعيات السياسة لا يمكن احتسابها بالمختبرات، فإن علينا أن ندرك أن قوائم المتضررين والناقمين ومن يبحثون عن دور في أوضاع جديدة غير الحالية سيعملون جميعهم كعوامل مساعدة في دعم الموجات الضاربة في مجلس الأمة التي ستجعل بعض رفاق "بو حمود" يتمنون بقاءه في السجن. إن القادم مذهل أيها السادة، وعندما تبدأ المعادلة السياسية بالتغير سترون كيف تتبدل المواقف، الشيء المؤكد هو أن حكومتنا الرشيدة ستكون بين نارين، نار المعارضة داخل البرلمان ونار المعارضة خارجه، فهل تصمد المعادلة؟الفقرة الأخيرة: ندعو للنائب السابق مسلم البراك بالشفاء العاجل مما أصابه ونسأل الله أن يفكّ عوقه سريعا.
مقالات
الأغلبية الصامتة: رشيدة بين نارين
23-02-2017