«جنيف 4» واحتمالات الفشل!
لأن موقف روسيا لا يزال يدور في الحلقة السابقة، ولم يشهد حتى الآن، حتى بعد اليوم الأول من انعقاد "جنيف 4"، أي انتقالة فعلية بالنسبة للأزمة السورية، ولأن الدور الأميركي المفترض لم تتضح ملامحه حتى الآن؛ فإن هناك مخاوف جدية من أنْ تكون هذه الخطوة الجديدة مجرد قفزة في الهواء، وأنّ كل شيء سيبقى على ما هو عليه من تصعيد عسكريٍّ كان بدأه نظام بشار الأسد بدعم وإسناد ومشاركة من إيران، خلافاً لتفاهمات "أستانة" الأخيرة، مع اقتراب انعقاد هذا الاجتماع الذي تم أمس وسط تكهنات كثيرة.لم يتخلّ نظام بشار الأسد عن وصف وفد المعارضة السورية بأنه وفد "المجموعات الإرهابية المسلحة"، وهذا يدلّ على نوايا سيئة، ويدل على أن هناك إصراراً، قد يكون بالتواطؤ مع الروس، لإلحاق "جنيف 4" بما سبقها وتمييع الأمور، والعودة لسياسة القضم وتفريغ المناطق "السنّية" من سكانها، وترحيلهم إلى منطقة إدلب التي غدت مستودعاً لحشد بشري من لون واحد، غير معروف حتى الآن ماذا سيكون مصيره.
كان يجب أن يبدأ "جنيف 4" منذ بداية يومه الأول بحسم مسألة الانتقال السياسي، وما يتفرع عنها من مفاوضات، وكان يجب استبعاد مشروع الدستور الذي تقدم به الروس، بطريقة وضع العربة أمام الحصان وليس خلفه، وذلك لأن الأولوية يجب أن تكون للمسائل التي من المفترض أن تكون الأولوية لها، والتي نص عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، إذْ لا فائدة لهذا الدستور، إنْ معدلاً وإن غير معدل، إنْ لم يتم أولاً حسم مسألة المرحلة السياسية الانتقالية، التي سيترتب على حسمها مستقبل الدولة السورية.ولذلك فإنه لا بد من أن يكون الموقف الروسي حاسماً وواضحاً، فمواقف المساحات الرمادية أخطر من الانحياز الواضح إلى أحد الجانبين، وبخاصة أن موسكو تعرف معرفة مؤكدة أن كل ما يسعى إليه نظام بشار الأسد هو تحسين مواقفه بطريقة "القضم" والهضم، وأن إيران مصرة على الاستمرار بالشوط حتى نهايته، حتى وإنْ أصبح الخيار الوحيد خيار "التقسيم" الذي يدل ما يجري على الأرض أن الإيرانيين ومعهم هذا النظام كانوا قد بدأوا بتطبيقه منذ البدايات.وهنا، فإن المفترض أن حضور الأميركيين هذا الاجتماع، الذي انعقد أمس في جنيف وسط شكوك ومراهنات متضاربة كثيرة، سيعدل موازين القوى لمصلحة إحراز خطوة متقدمة لحل الأزمة السورية، التي لا يمكن حلها، ما لم تضع الولايات المتحدة ثقلها في هذا الاتجاه، وما لم يتخذ الروس مواقف أكثر جدية وأكثر إيجابية، وما لم يُجبر نظام بشار الأسد على الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في "أستانة" وقبلها، وأيضاً ما لم يجبر الإيرانيون على التخلي عن تدخلهم السافر عسكرياً في شؤون سورية.