النفط إلى 30 دولاراً إذا لم يتسع إطار التوافق الراهن على الإنتاج
من الواضح أن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تتسم بأهمية عندما يتعلق الأمر بتوازن أسواق النفط العالمية، لكنها تظل أكبر مصدر للطلب والمنتج الرئيسي الوحيد الذي يعمل ضد التقييد المصطنع على الإمداد.
في اليوم الذي وصلت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها خلال 18 شهرا، حذر البعض من أنها قد تنهار وتعود إلى مستويات قريبة من معدلاتها المتدنية قبل وقت طويل.وأبلغ هانس فان كليف، وهو اقتصادي رفيع لشؤون الطاقة في بنك ابي ان أمرو الهولندي، وكالة بلومبرغ في الأسبوع الماضي، أن "النفط يمكن أن يرجع بسهولة إلى مستوى الثلاثين دولارا، ما لم تعمل منظمة أوبك والمنتجون الكبار الآخرون، مثل روسيا، على توسعة إطار اتفاقهم الحالي حول خفض الإنتاج. وقد بات خطر التراجع أكبر كثيرا من الفترة السابقة". ويتعين الإقرار بأن هذه وجهة نظر أقلية في الوقت الراهن. ومعظم محترفي هذه الصناعة يرون أن أسعار النفط ستتراوح ما بين 50 و60 دولارا للبرميل، وهو مستوى أشارت الدول والشركات المنتجة إلى قدرتها على التعايش معه.
ولمعرفة الدليل الأكبر عليك النظر إلى المعلومات الأميركية عن إنتاج النفط ومخزون البنزين. لقد ارتفع إنتاج النفط للشهر الثاني على التوالي، وفق معلومات حكومية صدرت الأسبوع الماضي، مؤكدة الشكوك بأن منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة سوف يستجيبون على الفور إلى أي ارتفاع في الأسعار. ومن شأن ذلك أن يحبط هدف منظمة أوبك الرامي إلى إعادة التوازن بين العرض والطلب في الأسواق العالمية. واللافت هو الجزء الثاني من المعادلة. فبعد الهبوط خلال معظم سنة 2016 عادت مخزونات البنزين الآن إلى مستويات عالية قياسية وصلت إلى 259.1 مليون برميل، لأن المصافي تصنع البنزين بسرعة تفوق قدرة السائقين على استهلاكه، وأسرع من قدرة استخدام العملاء الأجانب. وإذا توقفت كل مصافي الولايات المتحدة عن العمل غدا، فسوف يوجد ما يكفي من البنزين للقيادة لشهر كامل. ومن الواضح أن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تتسم بأهمية عندما يتعلق الأمر بتوازن أسواق النفط العالمية، لكنها تظل أكبر مصدر للطلب والمنتج الرئيسي الوحيد الذي يعمل ضد التقييد المصطنع على الإمداد.العامل الآخر الذي يبدو أنه يثر قلق بعض المحللين، هو صناديق التحوط وتجميع التجار الآخرين لمراكز ضخمة طويلة في النفط، وهم يتوقعون حدوث مزيد من الارتفاع في السعر، مع نضوب تخمة العامين الماضيين. ووفق محلل النفط في وكالة رويترز جون كيمب لدى صناديق التحوط الآن 903 ملايين برميل من النفط – أي ما يكفي 10 أيام من الإمدادات العالمية للنفط – عبر الأسواق الآجلة والخيارات.وصناديق التحوط طبعا ليست المستهلك النهائي للنفط وفي نهاية المطاف سوف تبيع كل برميل اشترته (قبل أن يصل إلى الميناء ويبدأ بفرض تكلفة تخزين)، والأكثر أهمية أن صناديق التحوط تملك الآن 9.5 براميل من النفط مقابل كل برميل باعه مضاربون آخرون بثمن رخيص، وهي أعلى نسبة منذ سنة 2014. وهذا لا يعني القول إن صناديق التحوط على خطأ. فعما قريب سيحل فصل الربيع، وهو موسم القيادة في أميركا والأسواق الأخرى المتقدمة في نصف الكرة الشمالي. ومع تحسن أداء اقتصاد الولايات المتحدة ومنطقة اليورو في الآونة الأخيرة سوف يتحسن الطلب، وتتغير نظرة الناس إزاء توازن العرض والطلب. لكن إذا استمرت الولايات المتحدة في زيادة الإنتاج، حيث تشير التقاربر إلى زيادة عدد منصات الحفر، أي أنها متجهة بالفعل إلى ذلك، فإنها - أي الولايات المتحدة - ستتمكن من انتزاع حصة أكبر من السوق ثانية على حساب منظمة أوبك، وهو السبب الحقيقي الذي دفع السعودية إلى خوض حرب الأسعار عام 2014.