بدأ موسم التنافس على إظهار حب الوطن من خلال الأغاني والأوبريتات الوطنية المليئة بالمبالغات الشعرية والمحسنات البديعية والتشبيهات الغرائبية، مما قد تحتاج معه أحياناً إلى وجود قاموس المحيط بجانبك لمحاولة فهمها، ومن ثم استيعابها والتفاعل معها، إن أمكن ذلك.للأغاني الوطنية دور مهم في بث روح الحماس وشحذ الهمم وترسيخ قيم المواطنة، ليصب ذلك كله في سبيل خدمة الوطن ومجده ورفعته، فمثل هذه الأغاني تكتب وتصاغ بعناية وحرص، لتقوم بدورها السياسي، ولتبقى وترسخ في وجدان الناس وذاكرتهم لارتباطها بالوطن والأرض، فإذا ما سمعوها ذكّرتهم ببلادهم، وأشعلت حنينهم إن كانوا في غربة، أو زادت حماسهم والتصاقهم وتقديرهم إن كانوا يعيشون بين ربوعه بسلام. أما نحن هنا، فلم يورطنا إلا أول من كتب أغنية وطنية قال فيها إن "الكويت أمنا"، فربط بين الكويت الوطن وقيم الأمومة من حيث لا يحتسب، فرسخ المعنى مع الوقت والتكرار في لاوعي الناس، وأصبحوا يتعاملون فعلاً مع الوطن على هذا الأساس الغنائي الهش، وكأن أغلب الشعب قائم بواجباته مع أمه البيولوجية على أكمل وجه، ومحتاجون اليوم فقط إلى أم مشتركة نتسابق على خدمتها وحمايتها وتقبيل يدها الكريمة والحفاظ على حقوقها ومصالحها!
إلا أن ما ترسخ هو عكس المطلوب والمفروض تماماً، فأصبحنا نريد من الكويت أن تعاملنا هي مثل الأم، فتكون صدراً حنوناً لنا ومنبعاً للطيبة والرحمة والبذل والعطاء بلا حدود، وغفران الخطايا والذنوب بلا تأنيب ولا حساب، ويشهد بذلك سلوكنا، سواء في التعامل اليومي أو الأحداث التاريخية، فمنذ تطأ أقدامنا أرض الوطن تتغير تصرفاتنا وأخلاقنا تلقائياً للأسوأ، فنحن أصبحنا في بيت أمنا الآن، وسياسياً بدءاً من أزمة المناخ ومروراً بالغزو العراقي، وحتى اليوم الذي مازال برنامج كثير من ساستنا الوحيد قائماً على توزيع حلال أمهم أثناء حياتها، فتظل دائماً أمنا الكويت هي التي تتحمل ثمن أخطائنا وسوء إدارتنا، ولا نرى ضيراً من أن نكون أبناءً عاقين لهذه الأم!يبدو أن الأم طوفتها هبيطة لدى الكثيرين، فمن يعجز مثلاً عن خدمة وتقدير أمه الحقيقية، أو يضعها في دار العجزة، لا تستطيع الوثوق به وبحبه وإخلاصه لأمه المعنوية المشتركة، لكن زوجة أبيك لا تستطيع إلا أن تحترمها وتخشاها "غصبن" عنك... يا أخي اعتبر الكويت "مرت أبوك"!
أخر كلام
نقطة: اعتبرها «مرت أبوك»!
25-02-2017