ضوضاء صامتة
حياتنا سيريالية غريبة، تحدث فيها أشياء فظيعة ولا أحد يتكلم عنها، لا أحد يلتفت تجاهها، مجرد «ضوضاء بيضاء» كما التي يتحدث عنها دون ديليلو في روايته الشهيرة بذات العنوان. حياتنا ضوضاء، بلا صوت.
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
ولكن لتحديد توجهنا المستقبلي البعيد نحتاج لمعرفة شيء أعمق، ولرؤية المشهد من زاوية أكبر. نحن الشعب الذي تسرق أمواله ونُركل كما الكرة في ملعب الكبار، لمَ نحن لسنا أشد غضباً؟ لمَ نحن لسنا في حالة ثورة إلى أن يسقط كل من ورد اسمه في هذه الفضيحة؟ نحن نرى ونسمع ونشهد، نعلم وهم يعلمون أننا نعلم، ومع ذلك يعاد انتخاب المذكورين، ويعاد تعيين المشكوك في أمرهم، ولا كأن عينا رأت أو أذنا سمعت. إلى اليوم، لم يظهر أحد المتورطين في الموضوع في مؤتمر أو في برنامج تلفزيوني أو على صفحة جريدة في بيان هو أضعف الإيمان ليوضح أو ينفي أو يكشف ذمته المالية، ليعلن أنه سيقاضي الجريدة التي نشرت الأخبار. لا شيء من المتورطين، لا شيء من الحكومة، لا شيء من الشعب، لا شيء سوى مجلس أمة بأعضاء غريبي الأطوار يناقشون الكارثة بذم وقذف وقدح، نواب لا يبدون حزينين بسبب الفساد غاضبين من أجل الكرامات، بل نواب بضغائن شخصية ينفسون عنها بأسوأ التعابير الإنسانية. حياتنا سيريالية غريبة، تحدث فيها أشياء فظيعة ولا أحد يتكلم عنها، لا أحد يلتفت تجاهها، مجرد "ضوضاء بيضاء" كما التي يتحدث عنها دون ديليلو في روايته الشهيرة بذات العنوان. حياتنا ضوضاء، بلا صوت.