القوات العراقية تتقدم بسرعة في الموصل والضحايا المدنيون في ارتفاع
الجيش يحاول إقامة ممرات آمنة لإخلاء السكان
قال شهود عيان ومقربون من غرف العمليات العسكرية إن التقدم السريع الذي حققه الجيش العراقي في الجزء الغربي من الموصل خلال عشرة أيام كان مقابل «قسوة غير مسبوقة»، وقوة نارية هائلة أدت الى ارتفاع كبير في عدد الضحايا المدنيين، الذين يتحصن مسلحو «داعش» في منازلهم.وذكرت مصادر عاينت تسجيلات فيديو من المعارك أن حجم الدمار يصعب وصفه، خاصة قرب ضفة نهر دجلة.وتشن القوات العراقية المشتركة مدعومة بمروحيات الأباتشي الأميركية وطيران التحالف الدولي وكتائب المدفعية الفرنسية، عملية عسكرية كبرى لتحرير ما تبقى من مدينة الموصل آخر معاقل داعش الكبيرة في العراق، حيث يقطن في منطقة الحرب نحو ٧٥٠ ألف نسمة في ظروف مأساوية.
وتذكر المصادر أن «داعش» يتعمّد المكوث في منازل مليئة بالسكان، لكي يحرج القوات العراقية، لكنه بالمقابل «ينفذ ما هو بمثابة إعدام جماعي للموصليين».ويحاول الجيش الوصول إلى ضفة النهر، حيث يمكن إقامة ممرات آمنة لإخلاء السكان عبر جسور عائمة نحو الجزء الأيسر المحرر. وبعد تحرير مطار الموصل ومعسكر للجيش جنوبي المدينة، توغلت وحدات النخبة في الأحياء السكنية ووصلت إلى المدينة القديمة وسيطرت على جزء من ضفة نهر دجلة، وإذ لم تكن هناك مقاومة واضحة من تنظيم «داعش» في الأطراف الجنوبية، فإن الجيش بدأ يواجه قتالاً مستميتاً كلما تقدم نحو قلب المدينة.ويبدو أن مروحيات الأباتشي والطيران العراقي جعلا تنقل عناصر «داعش» صعباً وأضرا بهم كثيراً، بحيث اضطر المتطرفون إلى إحراق منازل السكان، مما أنتج سحباً سوداء كثيفة في محاولة لتضليل المروحيات.وتعتبر الأحياء السكنية التي تحررت من «داعش» خطوط تماس أساسية لم يكن من السهل عبورها، إذ تقع خلفها مقرات التنظيم الأكثر أهمية في العراق، وتمثل خسارته لها مبرراً لوصف التنظيم بأنه «فاشل عسكرياً».ويقول المقربون من الحكومة إنه لا يمكن أن يتأخر تحرير الجزء الغربي من المدينة كثيراً، لأن مئات الآلاف يعانون مجاعة حقيقية ونقصاً في الإمدادات، «ولابد من تحريرهم بأي ثمن».ووفق التقديرات، جرى تحرير ٢٥ في المئة من المدينة، ونحو ١٠ في المئة من السكان، بعد عشرة أيام من المعارك. ويعتقد المراقبون أن المهمة الأصعب ستكون في المدينة القديمة التي بدأت مواجهاتها التمهيدية منذ الاثنين، حيث الأزقة الضيقة التي لا تدخلها المدرعات، وحيث يصعب توجيه قوة نارية كبيرة، لأن المنازل الآيلة للسقوط لا تتحمل قصفاً كهذا.وكشف ضباط لممثلي وسائل إعلام، كانت «الجريدة» من بينها، أن التنظيم لايزال يحتفظ بمقاتليه المهمين، بينما يدفع إلى القتال بمراهقين غير مدربين جيداً، وهؤلاء يخوضون صولات انتحارية سريعة، أو يهربون ويختبئون بين الأهالي، لكنهم قادرون على إيذاء الجيش عبر القنص والعبوات الناسفة والتخفي بين المدنيين.ورغم ذلك تشير بعض الإحصاءات إلى تراجع قدرة التنظيم على توفير السيارات المفخخة، فبينما كان يستخدم نحو ٢٠ سيارة كل يوم في معارك الجانب الأيسر خلال الأسابيع الماضية، بات لا يستخدم سوى خمس سيارات مفخخة في معارك الجانب الأيمن من الموصل.