ترامب يهدئ مع الديمقراطيين ويقترح برنامج عمل حافلاً

في خطاب استمر ساعة، ولهجة أكثر تصالحية، التزم خلاله دونالد ترامب بالنص، قال الرئيس الـ45 للولايات المتحدة في الكلمة التقليدية التي يلقيها الرئيس الجديد أمام أعضاء مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، ووزراء وقضاة المحكمة العليا، إن "فصلا جديدا من الفخر الأميركي يبدأ".

واستعاد ترامب المواضيع الرئيسية لحملته الانتخابية، وتعهد بتوفير ملايين الوظائف، وندد باتفاقات التبادل الحر المضرة ببلاده، وشدد على أن إصلاح نظام الهجرة ومكافحة الجرائم سيكونان بين الأولويات.

وأظهر ترامب تغيراً حاداً في اللهجة، متحولاً إلى مصدر إلهام ومناشدة هدف وطني مشترك، مشيراً إلى أن "التفاؤل يضع الأحلام المستحيلة بين أيدينا".

وأظهر الرئيس الأميركي جانباً مختلفاً في خطابه، وبدا أنه مزيج من صانع الصفقات والبائع، إذ دعا إلى الوحدة، وحاول إخراج رسالته الشعبوية في صورة أكثر قبولا. وكان أقل إثارة للخلاف وحساسية للنقد، وأكثر استيعابا وشمولا.

وتأكيداً على نزعته الاستعراضية، تعهد نجم تلفزيون الواقع الذي تحول إلى سياسي بفيض من الوعود ببرنامج ضخم للبنية الأساسية، والأشغال العامة، وتخفيضات ضريبية للطبقة المتوسطة، وإصلاح لنظامي الهجرة والرعاية الصحية، ومشروع قانون للتعليم.

وكل ذلك سيتطلب تحركاً للكونغرس، وسيكون ذلك على الأرجح عن طريق تحالفات مختلفة من المحافظين والمعتدلين والديمقراطيين.

حل للهجرة

وحاول ترامب استغلال المناسبة لإعطاء تماسك لعمله بعد شهر أول فوضوي في سدة الرئاسة، فتعهد مطولا باتخاذ إجراءات صارمة جداً على الحدود.

وقال: "عندما نطبق أخيراً قوانيننا حول الهجرة، سنزيد الرواتب، وسنساعد العاطلين عن العمل، وسنوفر مليارات الدولارات، وسنعزز أمن مجمعتنا".

ودعا أرملتي شرطيين من كاليفورنيا قتلا بأيدي مهاجر غير شرعي في عام 2014.

وتحدث عن إصلاح تشريعي دون أن يأتي على ذكر تطبيع أوضاع المقيمين بشكل غير شرعي، واقترح استبدال النظام الحالي بنظام يقوم على الجدارة.

وأعطى مثلاً سياسة الهجرة في أستراليا وكندا، حيث تفرض على المرشحين للهجرة شروط كفاءة مهنية معينة.

واعتبر أن التوصل الى إصلاح إيجابي لنظام الهجرة ممكن بالعمل مع المعارضة الديمقراطية، رغم الخلافات حول مصير ملايين المهاجرين غير الشرعيين الموجودين على الأراضي الأميركية منذ عقود عدة أحياناً.

كما أعلن تشكيل مكتب خاص لضحايا جرائم الهجرة سيحمل اسم "فيكتيمز أوف ايميغريشون كرايم انغيجمنت" أو "فويس"، مضيفاً: "سنعطي صوتا للذين تتجاهلهم وسائل الإعلام، وتسكتهم المصالح الشخصية".

إصلاح اقتصادي

وحول الاقتصاد، تعهّد ترامب بإجراء إصلاح مالي تاريخي من خلال تخفيض كبير للضرائب على الطبقة المتوسطة، من شأنه أن يتيح للشركات "منافسة أي كان".

وقال: "علينا العمل بحيث يصبح من السهل على شركاتنا أن تقوم بأعمالها في الولايات المتحدة، ومن الصعب عليها أن ترحل".

واقترح خطة للاستثمار في البنى التحتية من المتوقع أن تصطدم بمعارضة عدد كبير من الجمهوريين، مندداً بأن البلاد "أنفقت نحو 6 تريليونات دولار في الشرق الأوسط، وهذا المبلغ يمكنه أن يعيد تأهيل بنيتنا التحتية ثلاث مرات".

الحلفاء

وتعهد ترامب بالعمل مع حلفاء واشنطن، لاسيما الدول الإسلامية، للقضاء على تنظيم "داعش". وقال: "سندمر داعش في موطنه بالتعاون مع حلفائنا".

كما أكد دعمه قوي لحلف شمال الأطلسي، مشدداً على ضرورة أن يفي أعضاء الحلف الآخرون بالتزاماتهم المالية، وأن يشاركوا مباشرة في العمليات العسكرية.

كما طلب الرئيس الأميركي طلباً قد يشكل أيضاً مقدمة للمعركة حول موازنة عام 2018 من النواب التصويت على زيادة تاريخية في النفقات العسكرية تبلغ 54 مليار دولار، أي نحو 10 في المئة.

السياسة الخارجية

وحول السياسة الخارجية، قال: "سياستنا الخارجية ستكون ديناميكية". وشدد على أن الولايات المتحدة تعلمت من أخطاء الماضي، قائلاً إن "أميركا مستعدة لإيجاد شركاء جدد أيضاً".

وأشار إلى أن دوره ليس "تمثيل العالم بل تمثيل الولايات المتحدة"، لكنه قال بنبرة تصالحية "نريد الانسجام والاستقرار لا الحروب والنزاعات".

وأضاف "زمن المعارك غير المجدية قد ولّى"، مشددا على ضرورة توحيد البلاد.

المراكز اليهودية

وأكد في مستهل خطابه على أن الولايات المتحدة موحدة في إدانة الكراهية، مشيراً إلى التهديدات التي وصلت إلى مراكز يهودية، وجريمة كراهية في مدينة كنساس قتل فيها رجل هندي.

أوباما كير

وطلب الرئيس من الكونغرس إلغاء برنامج الرعاية الصحية (أوباما كير)، وقال إنه "ينهار من تلقاء نفسه، ويجب التصرف بسرعة وحزم لحماية كل الأميركيين".

فتور... وحماس

وخلافاً للعادة، كان ترحيب الديمقراطيين بالرئيس فاترا، فقد ظلوا جالسين في مقاعدهم مكتوفي الأيدي دون تعبير على وجوههم. في المقابل، كان الجمهوريون يصفقون دون توقف، ويقفون تحية عند ذكر المشاريع الكبرى للرئيس مثل تشييد أنابيب للنفط، وإقامة جدار على الحدود مع المكسيك، ومكافحة الإرهاب الاسلامي المتطرف، وحتى عند ذكر شعار لنعيد "أميركا عظيمة مجدداً".

وللمرة الأولى منذ عام 2006، يسيطر الجمهوريون على البيت الأبيض، ومجلسي الشيوخ والنواب، وجدول أعمالهم مكتظ من اصلاحات قطاع الصحة والضرائب في 2017، الأمر الذي وصفه رئيس مجلس النواب بول راين بأنه "فرصة لا تحصل الا مرة كل عدة أجيال".

تعليقات

وقال العضو الديمقراطي بمجلس النواب بيتر ويلش "لقد كانت لهجته أقل حدة. التفاصيل المتعلقة بسياساته ستمثل التحدي الحقيقي".

وقال المستشار الجمهوري مات ماكوياك "كان سمته رئاسيا الليلة مثلما لم يكن من قبل".

ولن تُنسي اللهجة المتراجعة الحدة لترامب في خطابه خصومه سياساته المثيرة للانقسام، ولهجته العدائية التي تحدث بها على مدار أشهر.

وقالت رئيسة مجلس النواب الساربقة نانسي بيلوسي: "خطاب الرئيس منفصل تماماً عن الواقع القاسي لسلوكه".

وحملت كلمات السناتور الديمقراطي كريستوفر كونز عن خطاب ترامب مديحا مستتراً. وقال: "كانت أكثر كلماته العامة تماسكاً منذ شهر، وبدأ الخطاب وانتهى بالتأكيد بموضوعات إيجابية".

ظهرت مشرعات من الحزب الديمقراطي بالزي الأبيض خلال أول خطاب للرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الكونغرس، ولفتن الانتباه باتفاقهن جميعا على ارتداء الزي نفسه.

وقالت نانسي بيلوسي، الرئيسة السابقة لمجلس النواب، زعيمة الأقلية الديمقراطية في المجلس: "نرتدي الأبيض تعبيرًا عن دعمنا لحقوق المرأة رغما عمن لا يريد ذلك"، موجهة اتهامات لترامب بأنه يزدري النساء.

فيما يلي بعض الأرقام المثيرة المتعلقة بكلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الكونغرس:

• ذكر كلمة "سور" مرة واحدة

• ذكر وسائل الإعلام مرة واحدة

• تغريدتان كتبهما على "تويتر" بشأن الخطاب

• ذكر الإسلام أو المسلمين 3 مرات

• ذكر التجارة 5 مرات

• تحدث عن قضايا الهجرة 11 مرة

• ذكر كلمة عظيمة 23 مرة