The Space Between Us... مستوى في الحضيض!
يتمحور بعض الأفلام حول عجائب السفر في الفضاء (من بينها 2001:A Space Odyssey و Solaris وInterstellar) وتهدف إلى اختبار حدود الإدراك الحسّي لدى المشاهدين، فتغيّر مفهومنا عن الزمان والمكان لاصطحابنا إلى حدود المجهول الشاسعة. في المقابل، نجد أفلاماً مثل The Space Between Us {الفضاء بيننا} الذي يأخذ حدود المجهول ويُحَجّمها ويُحوّلها إلى عمل واضح ومألوف ومخيّب للآمال.
تبدأ أحداث فيلم The Space Between Us من كتابة آلان لوب (فيلمه Collateral Beauty {الجمال الجانبي}، لم يكن كافياً لإرضاء توقنا إلى موضوع بسيط ومريح) على كوكب الأرض حيث يحلم الطموح ناثانيل شيبرد (غاري أولدمان) العامل في وكالة {ناسا} بإنشاء حياة بشرية على المريخ.بعد بضع دقائق، ننتقل إلى الكوكب الأحمر حيث تنتهي أحلام رائدة فضاء ناجحة حين تكتشف أنها حامل! ثم تموت بعد فترة قصيرة من إنجاب صبيّ يُسمّى غاردنر. يصبح الأخير بعد بضعة مشاهد شاباً غريباً وذكياً بعمر السادسة عشرة (يؤدي دوره أسا باترفيلد) ويكون أول إنسان يربّيه سراً رواد الفضاء المشاركون في المهمّة الفضائية على المريخ.
أحداث متشابكةيمر الزمن بسرعة في The Space Between Us، على عكس مدة الفيلم التي تطول أكثر من اللزوم. منذ البداية، سنشعر بتسارع الأحداث وتشابكها بطريقة غريبة. تستعمل القصة احتمال القيام برحلة بين الكواكب كحجّة لإطلاق حكاية طويلة ومتخبّطة محورها الأرض.لا يعرف غاردنر إلا 14 شخصاً خلال حياته على المريخ، لذا سرعان ما يبدأ علاقة عابرة للمسافات عبر الإنترنت مع فتاة جريئة من كولورادو اسمها تولسا (بريت روبرتسون من فيلم Tomorrowland {أرض الغد}). ثم يستغل الفرصة ويقوم برحلة إلى كوكب الأرض حيث يذهب مع تولسا بحثاً عن أجوبة عن أعمق أسئلته بشأن نسبه وهويته. يُعرَض بعض المشاهد الكوميدية طبعاً حين يجد غاردنر صعوبة في التأقلم مع بيئته الجديدة، ما يذكّرنا بشخصيات مألوفة في فيلمَي Room (الغرفة) وStarman (النجم)). يكون القول أسهل من الفعل طبعاً نظراً إلى عدم اعتياد جسمه على جاذبية الأرض.لا تماسكيفتقر الفيلم بدرجة معينة إلى التماسك مع أن المخرج بيتر شيلسوم (من أعماله Hector and Search for Happiness {هيكتور والبحث عن السعادة} و Serendipity{مصادفة}) يبلي حسناً في بعض اللقطات. لكن يفتقر إيقاع المشاهد الفردية وإدارة الممثلين إلى الاحتراف لدرجة أننا سنتساءل بعد فترة عن ميل الفيلم إلى تأكيد وجود شرخ عاطفي بين الممثلين الذين يجدون صعوبة في التواصل عبر حوار رديء وعابر للمجرة.على صعيد آخر يبدو أن أولدمان، الذي يُعتبر أحد أكثر الممثلين انضباطاً، تأثّر بمظهره الغريب ومشاهد العالِم المجنون التي يقدمّها، ما دفعه إلى المبالغة في أدائه. لكن يستعيد الفيلم بعض التوازن بفضل كارلا غوغينو التي تعطي دفئاً ومصداقية لدور حارسة غاردنر، وبي دي وونغ الذي يكبح انفعالات ناثانيل الأكثر جنوناً بصفته زميلاً له في وكالة {ناسا}.يسعى باترفيلد إلى تجسيد حياة غاردنر الداخلية للتعبير عن الوحدة التي تعيشها الشخصية وبحثها عن مكانتها في الكون. لكن لا ينجح باترفيلد وروبرتسون التي تميل إلى المبالغة في التعبير عن شخصيتها الجريئة في إبطاء ميل الفيلم للتحول إلى عمل محرج وغير احترافي.لا خطب في إعطاء الخيال العلمي بُعداً بسيطاً وعاطفياً: نجح فيلم The Martian (كائن المريخ) للمخرج ريدلي سكوت في تحقيق هذا الهدف بأسلوب جميل، وحقق فيلم Mission to Mars (مهمة إلى المريخ) الذي لم يحصد الإشادة التي يستحقها الهدف نفسه مع المخرج براين دي بالما. لكن تخون الإيقاعات العشوائية والمتسارعة في فيلم The Space Between Us هدف العمل الذي يبدو منفصلاً عن محوره الأساسي، وتنطبق المشكلة نفسها على المؤثرات البصرية الساذجة. بعيداً عن تضخيم العامل البشري، يكتفي الفيلم بترخيص كل ما يتناوله والتقليل من شأنه، كذلك يضعف قدرة المشاهدين على الاندهاش والشعور بالمفاجأة!