سرُّها ليس سِعرها!
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
إن إدراكنا لهذا الفرق بين القيمة والسعر هو الذي يشكل طعم ونكهة الحياة في أفواه أعمارنا، ويرسم الملامح الدقيقة لوجه أيامنا، فكلما حرصنا في حياتنا على اقتناء كل ما له سعر فقدنا قيمة مقتنيات العمر من ناس وأشياء ولحظات، وأصبحت حياتنا أقرب ما تكون «لفاترينات» المحلات التجارية، كل قطعة معروضة في تلك «الفاترينة» ملصق بها سعرها الذي دُفع للحصول عليها: أحباؤنا، أصدقاؤنا، منازلنا التي نسكن، ملابسنا التي نرتدي، سياراتنا، ساعات أيدينا، أحذيتنا، وكل بقية إكسسواراتنا التي تُرى بالعين المجردة. كل قطعة من هذه القطع تنبئ عن سعرها، وفي المقابل، فإنه من المتعارف عليه أن كل ما له سعر معروف، فهو عرضة للشراء، وللبيع أيضاً!إن كثيراً من الذين اختاروا أن تمتلئ زوادة حياتهم بالأشياء التي تحمل سعرها، استغنوا في لحظة ما عن حمل تلك الزوادة الثقيلة على ظهور أعمارهم، واختصروا ذلك بأن ارتدوا زيا موحدا صُنِع من «للبيع»!إن إغراء الأشياء التي لها سعر، شهيّ ومخيف حدّ الغرق، يقود إلى تمزيق قيمة الفرد قطعا عصية على البعث من جديد، إلا أن هذه الحقيقة المهينة لإنسانيتنا مهما بلغت قسوتها لن تقتل فينا، نحن البشر العاديون، حب التملك ولذة اقتناء أشياء لها سعر، والمحظوظون منا هم الذين ملأوا زوادة حياتهم، بما استطاعوا من تلك التي لها قيمة، وبذلوا جهدا أقل في ملئها بالأشياء التي لها سعر، فبعض التي لها سعر يرتبط بالقيمة أيضا، لأنه رفاهية، والرفاهية احتياج إنساني لتزيين لوحة الحياة، وضرورة لمحبتها، حتى وإن كان لكل رفاهية سعر. لكن، لنتذكر أن الحياة تسألنا دائما، وبصوت هامس وفي كل صبح جديد ساعة نفتح أبصارنا وبحضور إنسانيتنا شاهدا: هل نريد لذلك اليوم قيمة أم سعرا؟!لنجعل حياتنا بالنسبة لنا قيمة وليست ثمينة، فالحياة سرّها ليس في سِعرها!