ذكر د. سعد البراك، في لقاء تلفزيوني، أن العقوبة الجزائية على النائب السابق مسلم البراك لم تقتصر على مسلم، وإنما امتدت إلى عدد من أقربائه، وإذا كانت الآية تذكر أنه "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، وهي بذلك تقرر مبدأ إنسانياً بعدم جواز معاقبة شخص ما على تهمة أو إدانة لحقت بغيره مهما كانت الأسباب، فهذا غير متحقق مع مسلم البراك، فالعقوبة في حالة مسلم الآن لم تعد شخصية، كما تشترط المبادئ الدستورية، بل أضحت جماعية وأصابت عدداً من أفراد عائلته.

هؤلاء الأقرباء للنائب مسلم الذين يعملون في الأجهزة الأمنية في وزارتي الداخلية والدفاع أو تقدموا للعمل بهما، تم ركنهم جانبهم، وأحيلوا إلى التقاعد، أو رفضت طلباتهم.

Ad

المهندس أحمد مشعل المطيري تقدم للعمل كضابط اختصاص في "الداخلية"، وتم رفضه بعد أن استدعي من رجال المباحث، وبسؤاله عن سبب وجوده أمام ديوانية مسلم البراك في الأندلس، أخبرهم بأن مسلم خاله، وأمر طبيعي أن يلتقي مع أفراد أسرته عند ديوانهم، وقال لهم إنه لا شأن له بالسياسة، ولم تشفع له أقواله في قبوله بالكلية.

وغير مشعل، هناك قريب آخر لمسلم تم رفض طلبه للعمل بالجيش، بسبب مسلم أو "عقدة مسلم" بكلام أدق. وحدث أن ضابطاً آخر برتبة مقدم يعمل بالمرور، وهو ابن عم مسلم أيضاً تمت إحالته للتقاعد، بعد أن تم سؤاله عن عدم الوجود في مكتبه أحياناً، وأبدى لهم الأسباب المعقولة التي رفضت، كأنه الوحيد في هذا الأمر بالدولة، دون أن ننسى أن هناك دائماً، وبحكم العادة، العذر المسبق عند الإدارة يظهر نفسه بالاستقامة والحياد القانوني.

الفرق بين دولة حكم القانون ودولة حكم الأشخاص، أنه في الأولى يحتكم الفرد لمعايير عامة مجردة ومعلومة مسبقاً لا تحابي أحداً، ولا تميل إلى جانب ضد آخر، مؤسسة القانون هنا تسمو فوق الأشخاص لتقترب من مثل العدالة، وحين تتحقق العدالة كتجريد عام يطمئن الأفراد لأوضاعهم ومراكزهم القانونية في الدولة، ويكون عطاؤهم وإخلاصهم للدولة متبادلاً، فلا يعود الأفراد يخشون مصادفة تغير المسؤول السياسي أو الإداري أو تبدل مزاجه حسب الظروف، فيتغير التطبيق القانوني تبعاً لذلك، أي كلما تغير المسؤول أو تبدل رأيه الشخصي، كما يحدث في دولة حكم الأشخاص التسلطية.

في دولة حكم القانون، لا يعاقب فرد لتهمة أصابت غيره، كما كان يحدث في العهود القديمة، فدولة حكم القانون لا تعرف زيداً أو عبيداً، لا تعرف غير النص وروحه، أي حدس القاضي أو المسؤول الذي يحتكم إليه بالعدل، لا تميل لأحد ولا يؤاخذ أحد بفعل آخر، مثلما يحدث في اعتباطيات حكم الأشخاص.

ليست هي قضية أقارب مسلم البراك أو غيرهم، بل هي مسألة غياب عدالة، وهي قضية وطن نشترك بالعيش فيه، ولا يختص أحد بملكيته له، فهل نجد من ينصت إلى نداء العدالة؟