عند كتابة الدستور الكويتي ظهرت بعض الإشكاليات، وفي مقدمتها الجمع بين النظام الديمقراطي والنظام الرئاسي، وللخروج من هذا الوضع أوجد المشرع صيغة توافقية أعطت السلطة البرلمانية أفضلية على حساب السلطة التنفيذية من خلال تمكين النواب مساءلة الحكومة على أعمالها متى ما دعت الحاجة لذلك.ولتعزيز هذا المفهوم تعددت أدوات الرقابة على الأداء الحكومي، ومنها الأسئلة البرلمانية ولجان التحقيق التي تشكل بدايات وملامح الاستجواب، سواء لرئيس الحكومة أو للوزير المختص، وهي أدوات مشروعة في العمل البرلماني لكن هناك اليوم من يستغل تلك الأدوات لأهداف غير إصلاحية تهدف إلى الابتزاز أو خلط الأوراق أحياناً كثيرة.
على ما يبدو أن الثقة بالرقابة البرلمانية قد فقدت بعض مصداقيتها بسبب ممارسات بعض النواب عبر دخولهم على خط عروض السحب المضمون من تعيينات وخلافه، فكلما زادت جرعة الرقابة وزادت معها العطايا كان هناك من يشمر عن ذراعيه وساقيه، فالكيكة أكبر وأثمن، فلا خاسر في مثل هذه المعارك إلا الديمقراطية، والضحية الشعب.هذه المعادلة الغريبة ابتليت بها الديمقراطية الكويتية رغم أن فك مفعولها سهل، ويمكن التخلص منها إلى الأبد متى ما كانت مسطرة القانون واحدة، ومتى ما انتهجت الحكومة طريق الإصلاح وسيلة لها، ورضيت بالرقابة البرلمانية المستحقة كمعين لتشخيص الخلل بدلاً من جعل الرقابة سوطا يعلو ظهرها، ففي تلك اللحظة تتعرى وجوه المنتفعين من نواب الغفلة والمصالح ويتحقق ميزان العدل.قياديون كثر ممن نرى فيهم الصلاح وسلامة الذمة لم يعد بمقدورهم الاستمرار في عملهم نتيجة تلك الانحرافات التي تعتري العمل الرقابي، والتي ساهمت وزادت من حجم الفساد بدلاً من الوقوف ضده. محاولات كثيرة يبذلها المخلصون لوقف مسلسل الفساد، وهناك أذرع للرقابة كديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد على الأعمال الحكومية، لكنها غير قادرة على وقف الفساد لأسباب كثيرة، وفي مقدمتها عدم جدية وتفاعل مجلس الأمة في فرض هيبة القانون، فمع كل المخالفات المالية والإدارية نرى، على سبيل المثال، جلسات التصويت على الميزانيات أضحت تحصيل حاصل، أو كما يصفها البعض "سلق بيض".اليوم وبعد ضياع ملف الإيداعات والتأمينات وخسائر عقد الداو جاء الملف الصحي مثقلاً بأرقام فلكية، ومع ذلك لا نرى موقفا ثابتا للسادة أعضاء مجلس الأمة، فمن مع الوزير يريد رأس الوكيل، ومن مع الوكيل يريد رأس الوزير، وكأن ما ضاع من أموال يذهب إلى الجحيم.سؤال إلى من أقسم بالذود عن مصالح الأمة: إلى متى ستظل صناديق الفساد مغلقة، وغير مسموح فتحها والخوض في أسرارها؟ودمتم سالمين.
مقالات - اضافات
سؤال واستجواب و «دربك خضر»
03-03-2017