استعرضنا في مقال الأسبوع الماضي جزءاً من رسالة الشيخ عبدالله الجابر رئيس مجلس المعارف، رحمه الله، في عام 1946 إلى الشيخ أحمد الجابر أمير الكويت، رحمه الله، بخصوص تقرير المسؤول التعليمي في المعهد البريطاني بالقاهرة مستر "وكلن"، وهو تقرير كان يهدف إلى الحصول على سلطة أكبر في تصريف وإدارة شؤون بيت الكويت في القاهرة. إلا أن مجلس المعارف اجتمع مرتين لمناقشة التقرير، واتخذ قرارات تعكس استقلاليته وبعد نظره وفكره الوطني.

ومن هذه القرارات التي اتخذها ولم نُشر إليها في السابق قرار برفض تعيين شخص غير كويتي لإدارة شؤون البيت والإشراف عليه. ورغم أن المستر "وكلن" أشاد بالأستاذ عبدالعزيز حسين، رحمه الله تعالى، الذي كان يدير بيت الكويت آنذاك، فإنه طالب بتغييره بمسؤول آخر من مصر.

Ad

يقول وكلن في التقرير: "لقد درس عبدالعزيز بضع سنوات وتخصص في فرع التربية في معهد التربية، وهو مرب حاذق ومتعلم، ولقد قام بأعباء منصبه كقيّم لبيت الكويت على أحسن ما يرام، وبقدر إمكانه، بكل إخلاص وشرف".

ولكنه مع كل ذلك، اقترح تغيير عبدالعزيز بمسؤول آخر مصري يعمل جنباً إلى جنب مع سيدة بريطانية، فقال: "ولكن الشخصية المطلوبة لاشغال هذا المنصب يجب ان يكون رجلا اصلب عود، رجلا عمليا اكثر مما يكون تصوريا. وقد عبرت عن رأي هذا في عام 1945 عندما كنت في الكويت لآخر مرة ولكن اللجنة هناك اظهرت رغبتها الشديدة بأن يكون الشخص الذي يشغل هذا المنصب كويتيا. فاقتراحي هو ان شاب مصري والسيدة ميللور سيقومان بالعمل على احسن وجه".

إلا أن ما ذكره المستر وكلن في تقريره لم يكن له تأثير على مجلس المعارف، الذي رفض تغيير الأستاذ عبدالعزيز حسين وتمسك به بشدة.

يقول المجلس في رسالته "ولايزال المجلس عند رأيه في ان يكون المشرف هو الاستاذ عبدالعزيز حسين لانه كويتي من جهة ولأنه جمع كثيرا من الصفات التي تؤهله لان يشغل هذا المنصب".

وهنا لابد أن نقف قليلا لنتحدث عن الأستاذ عبدالعزيز ملا حسين التركيت الشخصية الكويتية التي يحترمها كل من عرفها. ولد أ. عبدالعزيز في الحي الشرقي بمدينة الكويت عام 1920 وسط أسرة عرفت بتدينها الشديد وانكبابها على العلوم والمعارف، وكان منها أئمة لعدة مساجد قديمة.

سافر أ. عبدالعزيز للدراسة مع أول بعثة تعليمية كويتية إلى القاهرة عام 1939م ومعه ثلاثة آخرون هم أحمد مشاري العدواني ويوسف العمر ويوسف المشاري البدر، رحمهم الله جميعاً. وفي عام 1943 تخرج في جامعة الأزهر، ثم التحق فوراً بالمعهد العالي للمعلمين، وتخرج فيه عام 1945.

وفي عام 1946 تم تعيينه مشرفاً على بيت الكويت بالقاهرة، وأصدر مجلة "البعثة" التي تعد مصدراً مهما لكثير من المعلومات عن الكويت.

درس في عام 1950 في بريطانيا، وحصل على شهادة من المعهد العالي للتربية بعد سنتين. تقلد مناصب كثيرة، منها مديراً لمعارف الكويت، وممثلا للكويت في الجامعة العربية عام 1961، وسفيراً في مصر، ووزيراً للدولة لشؤون مجلس الوزراء عام 1963، ثم خرج من الوزارة بعدها بسنة واحدة، لكنه عاد للمنصب نفسه من عام 1971 إلى عام 1985م. توفي رحمه الله بتاريخ 9 يونيو 1996م.