القطري أغنى خليجي
حتى نعرف أين موقعنا من الإعراب على خريطة الدول التنموية الناهضة بوطنها وشعبها، علينا الالتفات إلى دول الجوار التي تتشابه معنا في آلية الحكم، والموارد الطبيعية، وثقافة الشعب، وبذلك نكون منصفين في نقدنا لواقعنا الذي يشح تفاؤلاً وأملاً، ولنأخذ على سبيل المثال دولة قطر التي كنا نراها صحراء قاحلة تعاني أزمات انقلابية بين الفينة والأخرى تغير حالها اليوم، وأصبحت كما يحلو لنا أن نؤكد "كويت الماضي، دبي الحاضر، قطر المستقبل".تولى دفة قيادة قطر الأمير حمد بن خليفة آل ثاني من سنة ١٩٩٥ إلى ٢٠١٣ وفي غضون هذه الحقبة تحققت كل الإنجازات التي يجني ثمارها اليوم الشعب القطري، فعند توليه الحكم أحاط عرشه بالبطانة الصالحة التي تنوي العمل وتنشد الإنجاز، فلم يجد أفضل من زوجته الشيخة موزة المسند والشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، فكانت أولى خطواته استقدام 10.000 عسكري من الجيش الأميركي لتثبيت الأمن بحيث لا يفكر أحد في الانقلاب الداخلي أو الغزو الخارجي. ومن ثم أسس قناة الجزيرة برأسمال ١٥٠ مليون دولار كي يردع كل من تسول له نفسه الاقتراب من حياض قطر. فلما استقر حكمه تفرغ لنهضة الوطن، وارتفع إنتاج النفط من ٥٠٠ ألف برميل يوميا إلى مليونَين، وكذلك مع الغاز حيث كان ينتج مليار قدم مكعبة من الغاز يوميا فارتفعت إلى ٦ مليارات، ولكم أن تتخيلوا جبال الذهب والفضة نتيجة إيرادات النفط والغاز، اللهم لا حسد.
فعند تدفق الأموال كالأنهار إلى خزائن الدولة، هنا تدخلت الشيخة موزة بتوجيهها إلى الاستثمار في البشر، وبذلك أسست مؤسسة قطر، وهي اليوم تضم ٦ جامعات أميركية وواحدة بريطانية وواحدة فرنسية، وبذلك يتحقق الحلم بحيث يجتمع عند القطري المال والعلم في آن واحد، وبما أن قيادة قطر جسورة وترمي إلى وضع بصمة لها على الخريطة الدولية فقد تقدمت لاستضافة كأس العالم لسنة ٢٠٢٢، وهي بمثابة أيقونة التاج على الإنجازات القطرية التي لم تسبقها أي دولة أخرى في الشرق الأوسط.ويبقى السؤال الذي يطرحه كل محب: ماذا بعد النفط والغاز؟ هل أحسنت قطر استثمار فوائض أموالها؟ بحثت عن إجابة لهذا السؤال فوجدته يقع في تأسيس جهاز قطر للاستثمار، والذي يدير الصندوق السيادي القطري بقيمة ٣٣٥ مليار دولار، هذا عدا استثمارات ضخمة في أوروبا، منها شراء هارودز، وبرج شارد الذي يعتبر أكبر برج في أوروبا، وشراء حصص كبيرة في عدد من البنوك والشركات ذات العوائد المدرة.وتوج هذا العمل الدؤوب بارتفاع عوائد الدولة من ٨ مليارات دولار في ١٩٩٥ إلى قرابة ٢٠٠ مليار دولار في ٢٠١٣، وهذا انعكس على مدخول الفرد القطري الذي كان ١٦ ألف دولار في السنة فقفز إلى ٩٥ ألف دولار، وكل ما سبق تحقق في حقبة أمير واحد في ١٨ سنة فقط، ولهذا يا أكارم، القطري هو أغنى خليجي بلا منازع، وهنيئا لهم هذه القيادة والريادة، فلا يوجد أجمل من أن يذكرك شعبك بالخير.