توقفت قبل أيام أمام موضوعين تناولتهما وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أولهما يتعلق بالصراع الدائر بين قيادات وزارة الصحة وما تردد عن استقالة الوكيل ثم الوزير، وفي حقيقة الأمر فإن ما حدث يكشف عن واقع مرير تعيشه معظم وزارات ومؤسسات الكويت، فالصراعات قائمة وموجودة بين القيادات خصوصاً الوكلاء الذين يستمرون في مناصبهم لسنوات طويلة، ويشكلون لوبيات وجماعات ضغط داخل الوزارات وبين الوزراء الذين يحاولون التخلص منهم، ولكنهم في أغلب الأحيان يفشلون ويذهبون ويبقى الوكلاء بنفوذهم وتسلطهم.والصراعات التي تدور رحاها بين القيادات في وزاراتنا ربما تكون مستترة لا تخرج للعلن، ولكن المعنيين بالأمر يشعرون بذلك، ويشاركون فيه، وبدلاً من أن تنصب الجهود على التنمية والإصلاح يشغل الجميع أنفسهم بهذه الصراعات، وتنقسم الآراء ويتحزب الموظفون ويصبحون فرقاً وفقاً لأهوائهم ومصالحهم، ولا يدركون أن الانقسام ينذر بكوارث، ولكنهم لا يكترثون بالوطن ولا تهمهم مصلحته، فهم يغرقون أنفسهم في وحل الخلافات، ويكيد كل منهم للآخر، ويخطط للإطاحة بخصومه والانتقام منهم بكل الأسلحة.
وفي الحقيقة، في ظل هذه الصراعات وتصفية الحسابات فإن الكل خاسرون، وزراء ووكلاء ومواطنين ووطنا ينزف من الإهمال والتراجع وتعطل خطط التنمية، وكلما تقدمنا خطوة إلى الأمام أعادنا هؤلاء خطوات للخلف، فكيف يمكن لمسؤولين يتعاركون ليل نهار أن ينجزوا المشاريع ويتقدموا بالبلاد؟ هل يفكر هؤلاء في محاربة الفساد والنهوض بالخدمات؟ وهل تشغل بالهم المعاناة التي يتكبدها الناس يومياً في مختلف الوزارات والمصالح الحكومية؟ وهل ينظرون إلى دول الجوار وما حققته من تقدم بعد أن كانت الكويت درة للخليج؟ وهل يشعرون أن الدول من حولنا قسِّمت وطحنتها الحروب والصراعات؟ وهل يدرك هؤلاء قيمة الوطن وشرف خدمته؟ أم أنهم قومٌ، كما يقول المولى عز وجل في سورة الكهف الآية 93 "لا يكادُون يفقهون قولاً".أما الموضوع الثاني الذي أود الحديث عنه فيتعلق بما قيل عن عدم شرعية الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، وأنه غير مشهر من وزارة الشؤون الاجتماعية، وهذا موضوع قديم يطرح بين الفترة والأخرى، حيث إن هذا الاتحاد الذي تأسس في الرابع والعشرين من ديسمبر سنة 1964 يكتسب شرعيته من تاريخه الطويل ومن المقار التي تمنحها له الدولة، ومن دعم الـ50 ألف دينار الذي يقدم للاتحاد سنوياً من الحكومة، ومن إشراف سفاراتنا على فروعه المنتشرة في كل الدول التي يتلقى فيها الطلبة الكويتيون تعليمهم، ومن دعم نواب مجلس الأمة ورجال الأعمال مالياً ومعنوياً لأنشطة الاتحاد، وكذلك مشاركة كبار المسؤولين في البلد للفعاليات التي ينظمها الاتحاد، ومن الانتخابات التي تجرى سنوياً تحت سمع وبصر وموافقة أجهزة الدولة.والحقيقة أن مشكلة اتحاد الطلبة ليست في شرعيته أو عدم شرعيته، إنما في محاولة البعض إقحامه والزج به في أمور سياسية، واستخدامه كورقة ضغط يلجأ إليها من يدعمون هذا الاتحاد بالمال، إضافة إلى غياب الرقابة على المال العام الذي تمنحه له الحكومة سنوياً، وأموال التبرعات التي يحصل عليها من كل حدب وصوب دون أن نعرف أين ينفقها، وهل هناك فائض في ميزانيته أم عجز؟ وماذا يقدم من خدمات للطلبة؟ وما إنجازاته التي تحققت على مدار أكثر من نصف قرن؟ ولماذا سكتت عليه الدولة كل هذه السنوات طالما أنه غير شرعي؟
مقالات - اضافات
استريحوا وأريحونا
04-03-2017