أخبرينا عن ديوانك الصادر حديثاً «دم التفاح»؟

ديواني «دم التفاح» الصادر عن دار «فضاءات» عبارة عن قصائد نثرية كتبتها على امتداد فترات زمنية متباعدة. يشي العنوان بسر مضمون الديوان الذي يقوم على ثنائية النزف والغواية. كامرأة، أعتبر أنني على دراية بعذابات الأنثى حين تُساق إلى الأسرّة غصباً، وبمدى سعادتها وهي تبذل جسدها لمن تحب. كتبت عن الأنثى وكتبت لها .

Ad

هل بات الشعر الآن كشكل أدبي مادة للتعبير عن الذات، أم مادة للتعبير عن الآخر، أم أنه فقد الآن الدورين؟

الشّعر الذي لاَ يَصل إلى عمق كاتِبه لا يرقى بالضرورة إلى أن يكون شِعراً بل هراء يصدر زيفاً. والنص الذي لا يُحاكي معاناة الآخر هو نص أجوف وضيق جداً. لذلك أرى أن الشّعر لن ولم يفقد دوره أبداً، وما زال يتناول قضايا إنسانية شائكة كاللجوء مثلاً والحروب الدائرة في وطننا العربي، وفي هذا السياق أستذكر ما قاله الشاعر هولدرلين: «ما تبقى يؤسسه الشعراء عبر تجميلهم الخراب وكنس القبح المستشري، جاعلين من الحياة شيئاً ممكناً يستحق أن يُعاش لو خيالاً».

كيف تتشكل القصيدة لديك؟ هل هي انفعال أم عزلة وانكسار، أم مجرد لحظة صفاء؟ وهل ثمة مناطق محظورة في شعرك؟

لا هذه ولا تلك. القصيدة «لحظة انبثاق». أكتب في اللحظة القصوى من كل شيء: حزن، وفرح، وغضب، وعزلة. أما في ما يخص المحظور في شعري فلا أعتبر أن الشعر الذي يعترف بالمناطق المحظورة شعراً مطلقاً. الشاعر حرية الكون، جناحاه، قوة الرؤية التي تبقى كلما أغلقنا عيوننا.

المشهد العام

كيف تقيمين المشهد الثقافي والأدبي التونسي الراهن؟

المشهد الثقافي والأدبي في تونس ضبابي ومتأزّم، والمبدع مجبر على التخلي عن أحلامه ويمارس مهنة تقتل فيه الأمل. نعيش في واقع تطغى فيه المادة، ودور الدولة مغيب، وحزمة الأوراق وسيل الحبر لا يصرفان نقداً لدى بائع حليب الأطفال أو عند الخبّاز، والمصارف لا تمنح قروضاً بضمانات قصائد. لذلك نجد الشعراء مجبرين على الاعتراف بهزائمهم وبأنهم لا يفعلون أمراً سوى حرث الوهم بأمشاط روح منتهكة ذاهبة إلى زوال في حال تواصل تجاهلهم من المعنيين بالشأن الثقافي ككل.

هل ترين أنّ الثورات العربية في مصر، وتونس، وليبيا، وصولاً إلى سورية، أعادت تعريف المثقّف العربيّ ودوره في إحداث التغييرات السياسة والاجتماعية والثقافية؟

شكلت الثورات العربية اختباراً حاسماً للمثقف العربي، وهذا ما يتجسد فعلاً لدى ثلة من الشعراء والأدباء الذين هجروا قسراً من الأراضي السورية، ويجدون أنفسهم في منفى الضباب لا شمس تدفئ حنينهم لوطن مغتصب. يعلم هؤلاء الشعراء أن «القصيدة ممكنة» لشباب يناضلون خارج الأسوار ويحققون شأناً عظيماً لإخوتهم العالقين في المحيط، يعملون يداً بيد مع جمعيات إنسانية اختارت أن تترجم شعرهم وتوصله إلى أياد تنقذ ما تبقى على أرضهم المحروقة سورية.

المرأة المبدعة

لماذا تبدو الحركة النسوية في العالم العربي تائهة مشتتة بلا هوية أو جهود، أو وجود واضح؟

ينقصها وعي المرأة بجدوى الأساليب المعتمدة لإثبات هويتها، وأول الأخطاء تجنيسها كتاباتها ووضعها تحت مسمى «نسوية».

باعتقادك ما الذي تفتقده المبدعة وينقصها في مجتمعاتنا؟

تفتقد المساحات التي تطلق فيها أجنحتها، وحرية استيقاظها من دون أن تكون مرهونة بفعل ذكوري يصادر حقها في أن ترى أو لا ترى، تفعل أو لا تفعل. تفتقد الأنثى التي هي كينونتها كما تريدها هي، لا كما يعلّبها الآخرون ويعيدون إنتاجها.

طقوس

بمن تأثرت في كتاباتك الأدبية المختلفة عربياً وعالمياً؟

تأثرت عربياً بجبران خليل جبران، فهو كان رفيق طفولتي. كذلك تأثرت بالشّاعرة فروغ فرخزاد الإيرانية.

ما هي تفاصيل طقوس كتاباتك؟

عزلة تامة، أكتب كمن ينازع صداعاً نصفياً.

هل أثّرت الترجمات الشعرية السيئة في الوعي الأدبي العام، فبعض المناهج النقدية والأساليب المعتبرة جاء من خلال التلاقح مع الأدب الغربي؟

يميّز القارئ العربي بين الغث والسمين في الترجمات الرائجة في المكتبات. كذلك يتمتع النقاد بالحنكة، ما يُلهم لتأسيس مناهج نقدية راسخة وعلى غاية من المهنية من خلال إدراجهم شكلاً ذكياً لسياقات أدبية غربية والاستفادة منها بقصد تنويع المخزون الأدبي.

نزف المعنى

نالت رفيقة المرواني شهادة الأستاذية في الحقوق. كتبت مقالات في صحف عربية عدة. هاجسها الوصول إلى نصٍ مغاير ومختلف ومتفرد. حول ديوانها «دم التفاح»، أشار نقاد كثر إلى سلاسة جملتها الشعرية وتدفقها اللغوي وعمق دلالتها وكأنها تحفر بمسلة قلبها مفرداتها. وقال الناقد التونسي هادي العيادي: «دم التفاح» نزف المعنى»، مستشهداً بمقولة جبران خليل جبران «ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بدم القلب»، وذكر أن تلوين التفاح بحمرة قانية أربك القارئ وصدمه وجرّه إلى مقام الحيرة في التأويل.