Rings... ولادة جديدة لسلسلة الرعب
على غرار جثة منسية تتحلّل على مهل منذ 12 سنة، إلا أنها تنتصب فجأة واقفة وتنفث القيء باتجاه دور السينما في منطقتك، تعود سلسلة Ring إلى الحياة نوعاً ما.
مع ملصق يحمل فناً أُعيد تدويره وعبارة ترويجية أقرب إلى إعلان على شبكة الإنترنت منه إلى دعاية لفيلم رعب («تشاهده أولاً ثم تموت»)، لا يشكّل Rings مجرد جزء آخر من Zoolander 2 طال انتظاره ولا هدف منه. يمثّل هذا العمل، الذي أخرجه الوافد الجديد ف. خافيير غوتييريز، انطلاقة جديدة تستهوي الشباب البالغين، ما يعني أن علاقته بالجزأين السابقين (The Ring (2002 و(The Ring Two (2005 تقتصر على رابط سردي عابر، فكم بالأحرى (Ringu (1998، فيلم التشويق الياباني الذي أخرجه هيديو ناكاتا والذي شكّل نواة هذه السلسلة باللغة الإنكليزية؟ما من رابط بين الفيلمَين الأميركيين السابقَين وبين هذا العمل الجديد سوى شريط الفيديو، ذلك الفيلم القصير المحمّل بالألغاز الذي يبدو أشبه بمخلفات دماغ سلفادور دالي، والذي ينتهي به المطاف إلى قتلك بعد سبعة أيام من مشاهدتك إياه.
في نهاية The Ring، تدرك بطلة الفيلم (نعومي واتس) أن بإمكانها تفادي الموت بنسخ الشريط وتوزيعه، مهدئةً من ثم روح الفتاة المتوحشة طويلة الشعر التي تُدعى سمارا بنشر رعبها. صحيح أن مشاهد الرعب قد تُنسى، إلا أن الخاتمة تقدّم صورة مجازية غنية تذكّر بالعصر الرقمي: انتشر عبر الإنترنت أو مت.تبدو هذه الصورة المجازية أكثر ملاءمةً (أو حتى مستهلكة) في زمن تحوّلت فيه تكنولوجيا الصور المجازية إلى أمر خطير لا مفر منه، تماماً مثل شبح فيلم الرعب.
الرواية الفعلية
ما عادت سمارا محتجزة في شريط فيديو قديم، بل صار بإمكانها الزحف خارجةً من جهازك الأندرويد، وغزو مكتبة «الإيموجي» في جهازك، وربما التقاط بعض الصور المريعة حقاً ونشرها على موقع Snapchats.في مستهل Rings، نراها تسافر جواً مع بعض الركاب البائسين، متنقلةً من شاشة تلفزيون على مسند مقعد إلى أخرى. وهكذا تتحوّل من سمارا إلى «سمارا عند الطلب». ما هذا المشهد إلا تمهيد للرواية الفعلية: قصة مراهقة تُدعى جوليا (ماتيلدا لوتز) ودّعت لتوها حبيبها في الجامعة هولت (ألكس روي). ولكن عندما يكفّ الأخير فجأة عن الرد على اتصالاتها بعد بضعة أسابيع، لا تقوم بما نتوقّعه منها: التنهّد بعمق والاستنتاج أنها ما عادت تواعد شاباً يُدعى هولت. بدلاً من ذلك، تتقفى أثره في حرم الجامعة، حيث تلتقي بروفسوراً غريب الأطوار يُدعى غابريال (جوني غاليكي). حوّل هذا البروفسور شريط سمارا إلى أغرب مشروع خارج المنهج الدراسي، تعجز أسسه الفلسفية العالية عن إخفاء واقع أنه ينفذ عملية احتيال هرمية واسعة ومميتة. نلاحظ أوجه شبه عدة بين هذا العمل، الذي كتبه ديفيد لوكا، وجاكوب إيستس، و(المرعب) أكيفا غولدسمان، وبين النسخة المدعّمة المحدثة من Blair Witch، فضلاً عن فيلم التشويق المبتكر لعام 2014 It Follows، الذي يرتكز أيضاً على مفهوم أن الأمل بالخلاص يكمن في مأساة الآخرين. لكن جوليا بطلة تتحلّى بتعاطف كبير. وبعد عودة هولت إلى جانبها، تخوض رحلة لا تقوم على السعي إلى إنقاذ الذات بقدر اعتمادها على التعاطف والفضول.«شاهد ومت»
ينقل Rings فكرة «شاهد ومت» إلى عصرنا الرقمي، الذي نستطيع فيه نسخ تسجيل بصري بسرعة، ونشره، وحتى تعديله بالضغط على زر واحد (تكاد هذه الفكرة تجعلنا نتغاضى عن افتقار العمل الممل إلى الأصالة والابتكار). لكنه يرجع أيضاً إلى جذور هذه الأسطورة، مصوراً قصة ثانوية عنيفة ومعقدة عن فتاة تتعرّض للقتل، ووالدتها المعذبة، وغيرهما من لمسات روائية مقلقة تظهر في أحدث نسخة من شريط سمارا. لكن ما تكتشفه جوليا لا يستحق للأسف هذا الوقت والجهد كله. ثمة رجل أعمى يُدعى بورك (يؤدي فنسنت دونوفريو هذه الشخصية بأسلوب متقن ومقلق) يملك بعض المعلومات عن ماضي سمارا. تحفل هذه القصة بأسراب الحشرات وكرات الشعر. كذلك تتضمّن مطاردات ولحظات توشك أن تصدمنا إلا أنها تقصر عن ذلك، لحظات محملة بلامبالاة غامضة تجعل شريط سمارا يبدو أشبه بانتصار إنتاجي مقارنة بها.لا ينجح الفيلم في أي من مشاهده في الحفاظ على التوتر أو حالة الرعب الحقيقي. بدلاً من ذلك، يعتمد على عدد من الإشارات الذكية المغرورة إلى أسطورة أورفيس، الذي كان باستطاعته إنقاذ حبيبته يوريديس لو أنه واصل السير ولم يلتفت إلى الوراء.يشكّل هذا درساً ينطبق على Rings أيضاً، وإن بطريقة تختلف عما كان يخطط له معدو الفيلم.
سمارا تزحف خارجةً من جهازك الأندرويد وتغزو مكتبة «الإيموجي» في جهازك