أول العمود:
قبول استقالة مسؤول فاسد دون محاسبته فساد.***
وصلت رواتب الموظفين في الدولة حسب الميزانية المالية الجديدة إلى 10 مليارات 700 مليون دينار وبواقع استحواذ 55 ٪ من الإنفاق العام، و70٪ إذا أضفنا حجم الدعوم التي يتلقاها المواطن. أطرح هذه الأرقام لمناقشة مسألة إدارية بدأت تشكل مصيدة لسلوك سائد في تفكير أكثر الوزراء، ونعني بالتحديد موضوع فرض البصمة لإثبات حضور وخروج الموظفين بالأوقات القانونية. بالطبع يعبر هذا النمط من التعامل، مع مسألة الوجود بالمكتب، عن قصر نظر ينطلق من اعتقاد ملخصه: "البصمة تخليهم يداومون!"، خدعة كبيرة يقوم بها الوزراء للتغطية على عجزهم في مواجهة التوظيف الوهمي وضعف المحاسبة في أجهزة الدولة، والتي أوصلت بند الرواتب إلى الرقم الخرافي الذي ذكرناه.لو كان التعيين في الوظائف يأتي حسب حاجة العمل لا التعيين الاجتماعي والسياسي لما ترهل الجهاز الإداري بالشكل الذي أصبح الديوان الأميري يقوم بأعمال الإنشاءات والمقاولات بدلا من الوزارات.عجز الوزراء عن صد التوظيف الوهمي وتكديس الموظفين دون حاجة هو المشكلة الأساسية، وبعدها يأتي موضوع البصمة لا العكس. ونتذكر هنا حجم الموظفين الهائل الذي كشفه وزير الإعلام الأسبق محمد السنعوسي في وزارته بعد توزيره، حيث أنهى خدمات ٨٠٠ موظف يعملون على بند المكافآت، وهم موظفون في وزارات أخرى! كانت فضيحة بحق.المضحك هنا، وكوني موظفا سابقا، انني وجدت تحايل بعض الموظفين على نظام البصمة بلمس الجهاز صباحا والذهاب للشارع أو للفراش، ومن ثم العودة إلى بصمة الخروج، وهو ما يكشف ما يريد القياديون عندنا إخفاءه، وهو عدم وجود مهام وظيفية حقيقية لآلاف الكويتيين، والضحك على الناس بأن أجهزة البصمة التي تكلف ملايين الدنانير قادرة على ضبط الإنتاج.