مضى على إجراء انتخابات مجلس الأمة 2016 أكثر من 90 يوماً، كما اقترب نصف مدة دور الانعقاد الأول للمجلس الحالي على الانتهاء، من دون أن نرى إنتاجاً متميزاً له يحل القضايا العالقة التي طرحها النواب في مقارهم الانتخابية وتصريحاتهم الصحافية، ومازلنا نعيش في أجواء طرح القضايا التي كانت تسود الساحة المحلية منذ عام 2011 بشأن قضايا الإيداعات والنظام الانتخابي والجناسي.

المساءلة السياسية التي افتتح بها النواب أعمال البرلمان الجديد، وأدت إلى استقالة وزير الإعلام وزير الشباب السابق الشيخ سلمان الحمود، كان يشوبها كثير من اللغط حول تصفية حسابات بين أطراف متصارعة وأقطاب متنافسة، وإن كانت التجاوزات التي طرحت مستحقة، ولكن السؤال المهم هو "هل تخلو وزارة أو جهة حكومية في الكويت من تجاوزات مشابهة؟".. وإذا وضعنا مسطرة العدالة والمساواة بمقاييس مخالفات الوزير الحمود، فإن وزراء آخرين يجب مساءلتهم سياسياً وتنحيتهم عن مقاعدهم الوزارية.

Ad

الواقع أن المسألة أكبر من مساءلة وزير وتقديمه استقالته، ففي الـ 25 عاماً الماضية تم استجواب وزراء كثر، مما نتج عنه تقديم استقالاتهم ورحيلهم، ولكن هل تمت مواجهة الفساد وتحجيمه، أم أنه استشرى وزاد؟.. الواقع أنه ينتشر كالسرطان في البلد، وطرح قضية الإيداعات واكتشاف اختلاسات التأمينات الاجتماعية وعدة قضايا فساد وعمولات أخرى، كل تلك القضايا لم يتم عمل جاد ومستمر تشريعياً لمكافحتها، مثل تلبية متطلبات النيابة العامة التي قالت إن نقص التشريعات لم يمكنها من محاسبة نواب الإيداعات، كما أن الثغرات في قانون هيئة مكافحة الفساد تشل عملها، فهل بادر النواب بإقرار تشريعات مستعجلة لسد الثغرات ومعالجة النقص، بدلاً من الكلام وطرح الأسماء في قاعة البرلمان دون وجود أي آلية للمحاسبة الجنائية لمقترفي تلك الأفعال؟!

وعلى مستوى العمل البرلماني، لم تقدم لجان مجلس الأمة حتى الآن أي تقارير عن تشريعات أو رؤى لقضايا الإصلاح الاقتصادي والإسكان ومعالجة التركيبة السكانية وبقاء القياديين في المصالح الحكومية فترات طويلة، دون ربط ذلك بمدى إنتاجيتهم وتطبيقهم خطط الدولة التنموية.

علماً بأن فترة الـ 70 يوماً في أي برلمان مدة طويلة، ويمكن إنجاز العديد من القضايا خلالها، فمتى يبدأ مجلس الأمة 2016 في الإنتاج بدلاً من استمرار لعبة التهديدات المتبادلة بينه وبين السلطة التنفيذية، بالتهديد بالاستجوابات ورد الحكومة عليه بالتلويح بإعلان عدم التعاون، ووقوع سيف الحل والعودة إلى ممارسة هواية الانتخابات الكويتية السائدة؟!