ماذا فعلت بنا يا مارك؟
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
أن تكون في العاصمةعليك أن تخلع أسمالكوقلبك الذي قادك لمزالق ومهاوي كثيرةوتضعها في حقيبة تحت السريرالقصيدة تنتهي بهذا المشهد اللامبالي:لم يتخلف أحدوالذي سقطلموه في جرائد الصباحوانصرفوالنداهة غد لا يجيءالديوان مليء بالقصائد المهمومة بالأوضاع المتردية في مصر تكشف اللصوص ومصاصي دماء وخير البلد:افعلوا ما شئتمتبادلوا شرب السجائروالتسكع وسط مدينتكم المترهلة الأثداءلم تفطمكم بعدالشعر ليس كالرواية تكشف فقط ما يريده كاتبها منها، فهو على الأغلب من يديرها ويوجهها، أما الشعر فيعري حالة ومشاعر من يكتبه، لأنه يأتي مثل هزة أو رجفة أو زلزال، منفلتاً عن الربط والتحكم والتوجيه، لذا تكون أشعته مخترقة لأصدق انفعالات المشاعر، وهو ما أحسسته وأدركته من قراءتي لشعر عيد صالح، الذي فضح وعرى انفعالاته، واخترق أحاسيسه حتى العظم، وجاء بروحه المحبطة بهذا الثقل الممحي بانتهاء الفرح من العالم. ثقل شجن قصائده أحالني على ثقل شجن وأحزان قصائد "السياب"، التي أيضاً تبخ أحزانها على روح ووجدان قارئها، ربما تكون تراكمات المشاكل الكبرى التي تعانيها مصر بعد ثورة 25 يناير هي من أسباب ودواعي اليأس والحزن في قصائده بسبب تردي الأوضاع فيها، هذه القصيدة تبين الوضع الملتبس لهذا المتورط بحب الحياة في زمن رفع الرايات السوداء: "أنت متورط في حب الحياة لا محالة دعك ممن يقفون على الشاطئ ويرفعون الرايات السوداء أو يستلقون على صخرة تتكسر عليها أحلامهم الراعفة وحدة صقيع تحيط بالشاعر بالرغم من وجود جمهور وأيضاً في صورة صادمة:وحيداأتحسس خطويفي عتمة الأسئلةعليّ أعثر على مشجبأعلق عليه خيبتيوأنام وحيدا مهاناوهذا مقتطف آخر: لنحتفي إذا بالقصيدة المحبطةوبالشاعر المتسكعوبالبيادق المتناثرةدون أن يحسم الدورفي ضربة قاضية تكثر في الديوان قصائد مهداة إلى شعراء أصدقاء للشاعر وأدباء، ومنها قصيدة موجهة "لإدوار الخراط"، نصوص عيد صالح الشعرية تصلح أن يُطلق عليها قصائد ما بعد الحزن، حين لا يبقى إلا رثاؤه:لا شيء يقينيأنت نفسك ربما كنت شبحاأو لصا اقتحم حلمك