طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب اسمك لتولي منصب وزير الخارجية ثم مستشار الأمن القومي.

أعلنتُ اهتمامي بالموضوع. لكني أوضحتُ ضرورة أن يتمتع الشخص الذي سيتولى هذا النوع من المناصب بنفوذ كافٍ، بغض النظر عن هويته.

Ad

لكن لم تُنفَّذ هذه الشروط في النهاية؟

هذا أمر واضح بما أنني الآن في باريس بدل «بالم بيتش» (مقر دونالد ترامب في فلوريدا) (يضحك).

كيف هو اللقاء مع دونالد ترامب؟

كما في برنامج The Apprentice «المبتدئ»! (يضحك) أقمنا حواراً ممتازاً طوال ساعة تقريباً. أراد أن يعرف مدى استعدادي لمساعدته على وضع سياسة انطلاقاً من شعارات الحملة الانتخابية. حاولتُ أن أتأكد من أنّ رؤيته للعالم تتماشى مع رؤيتي الخاصة. طلبتُ منه مثلاً أن يؤكد لي أنه لا يعارض التبادل الحر بل الممارسات التجارية المجحفة، وهذا ما فعله. خرجتُ من عنده وأنا أشعر بأنه رجل براغماتي.

توتر وأمن

يظنّ البعض أن التوتر السائد اليوم لم يكن بهذا المستوى منذ الحرب الباردة. هل يجب أن يستعد العالم لحرب عالمية ثالثة؟

أعرف أن الولايات المتحدة وحلفاءها وشركاءها في التحالف يجب أن يستعدوا لسلسلة تهديدات، بدءاً من جهود مكافحة الإرهاب وصولاً إلى تنفيذ عمليات عسكرية في المناطق التي يرتفع فيها خطر نشوب الصراعات بين القوى النافذة. لا نمرّ بأخطر مرحلة من تاريخنا لكنها الأكثر تعقيداً. يريد بعض البلدان أن يضع حداً لوضع المراوحة، منها إيران وروسيا وكوريا الشمالية، وبدرجة أقل الصين. يطرح المتطرفون الإسلاميون بدورهم خطراً آخر. كذلك، يجب أن تطلق الولايات المتحدة وشركاؤها عمليات كبرى في الفضاء الإلكتروني الذي يشكّل ساحة معركة جديدة. أخيراً، نواجه النزعة الشعبوية التي تتنامى في عدد كبير من البلدان.

عدتَ للتو من مؤتمر الأمن في ميونيخ. أخبرنا عنه.

أراد نائب الرئيس مايك بينس أن يُطَمئن شركاءنا إلى أننا نتقاسم قيماً مشتركة مع الديمقراطيات الغربية وسنتابع أداء دورنا القيادي وما زلنا نؤمن بأهمية حلف الأطلسي حتى لو انتقده الرئيس ترامب وأكد ضرورة أن يزيد شركاؤنا الأوروبيون حجم مساهماتهم. لم يكن مخطئاً في موقفه وأظنّ أنهم سيقومون بذلك.

هل تظن أن صوت مايك بينس كان مسموعاً هناك؟

أظنّ أنه نجح في توضيح جزء من سوء التفاهم مع أنّ القلق لم يتبدّد بالكامل. يريد شركاؤنا خطوات ملموسة. أنا واثق من أن جهود الرئيس ترامب، بالتعاون مع جون ماكين في مجلس الشيوخ ونظيره في مجلس النواب، ستسمح بزيادة ميزانية الدفاع إلى 30 أو 40 مليار دولار في السنة.

روسيا وسورية

ما سيكون موقف هذه الإدارة من روسيا؟

يريد الرئيس ترامب بكل وضوح أن يخوض نقاشات استراتيجية مع روسيا. يتعلق بعض المجالات الأساسية بالأسلحة النووية والعمليات الروسية العدائية جواً وبحراً وإيران وكوريا الشمالية وأفغانستان والعالم العربي وأوروبا الشرقية... يجب أن نتحاور مع روسيا لكن يجب أن نُذكّرها أيضاً بواجباتها بشأن النقاط الخلافية كأوكرانيا وتسليح الانفصاليين وتمويلهم في «دونباس». سنتابع الحوار بشأن سورية أيضاً. لا بد من هزم «داعش» و«القاعدة» والجماعات التابعة لها. يجب أن نعمل أولاً على وقف سفك الدماء. يظنّ بشار الأسد حتى الآن أنه يستطيع تحقيق فوز عسكري. لكن تدرك روسيا، بحسب رأيي، ضرورة إعادة الاستقرار إلى ساحة المعركة. كذلك يمكن أن تؤدي تركيا دوراً مهماً في هذا المجال.

هل تظن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيوافق على التعامل مع الأكراد كشركاء؟

إذا بقي موقف أردوغان قوياً في الاستفتاء المقبل، قد يعود إلى شكلٍ من الحوار مع أوجلان والأكراد السوريين. إنه مجرّد احتمال لكنه ممكن. يجب ألا ننسى أيضاً أن «حزب العمال الكردستاني» منظمة إرهابية.

ما النفع من إعادة الاستقرار إلى الجبهات؟

تسمح هذه الخطوة بتقليص أعداد القتلى والجرحى وبتجاوز أزمة المهاجرين. من مصلحة أوروبا الغربية أن تتجنب موجة جديدة من تدفق اللاجئين. أدت الموجة الأولى إلى إضعاف القادة في أهم البلدان.

العراق وأفغانستان

تتجه الأنظار اليوم إلى الموصل. كيف تقيّم تطور المعركة؟

أعرف تلك المدينة جيداً لأنني أقمتُ فيها حين كنت قائد الشعبة 101 التي احتلّت محافظة نينوى في عام 2003. حصل تنظيم «داعش» على سنتين كي يستعد للدفاع عن المدينة وكي يحفر الأنفاق وينشر الأفخاخ في المنازل. لديهم طائرات بلا طيار وقنّاصة أقوياء. لكن كانت طريقة العراقيين في تجاوز هذا الوضع لافتة. كان رئيس الحكومة محقاً حين قال إن وحدات مكافحة الإرهاب في بلده هي الأقوى في المنطقة. لكنها واجهت رغم ذلك حتى 30% من الخسائر، ومن المتوقع أن يكون غزو الموصل أكثر صعوبة لأن شوارع المدينة القديمة ضيقة ولا يمكن أن تدخل إليها السيارات. لا بد من تمشيط المباني والأحياء بشكل متلاحق كي لا يعود العدو من الخلف. على عكس ما يحصل في سورية، نجح العراقيون في تقليص أعداد الضحايا المدنيين وحجم الدمار. في النهاية، سينتصرون على «الدولة الإسلامية» في الموصل. لكن يجب أن يوقف رئيس الوزراء العراقي سياسة عزل الجماعات السنية التي استُعملت في نهاية عام 2011.

أصبح عدد من أعضاء «الدولة الإسلامية» الذين كانوا في السجون في عهدك كوادر في التنظيم اليوم، خصوصاً أبي بكر البغدادي الذي كان محجوزاً في سجن بوكا. سمحتَ بطريقةٍ ما بتنامي قوة «داعش» من خلف القضبان...

وصل عدد المعتقلين إلى 27 ألفاً! تصوروا حجم الإمكانات التي كنا نحتاج إليها لحراستهم. حين وصلتُ إلى العراق، أدركتُ أن سجوننا كانت معسكرات تدريب للإرهابيين! سرعان ما خرج الوضع عن السيطرة. كان معظمهم من الشبان الذين ضللتهم حركة التمرد ولم يجدوا أي عائق بينهم وبين المتطرفين. لذا أصبحوا أكثر تطرفاً عند خروجهم. كان يجب أن ننظّم حركة التمرد المضادة. بدأنا بتحديد المتطرفين الحقيقيين ووضعناهم في أماكن تخضع لحراسة مشددة، ونظمنا للآخرين جلسات إعادة تأهيل عبر العمل. هكذا تراجعت حالات العودة إلى التمرّد وانخفضت إلى أقل من 10%.

هل تعرّض الأميركيون للصدمة بعد تجاربهم في العراق وأفغانستان لدرجة أنهم ما عادوا يتحمّلون السياسة الدولية؟ كيف يمكن أن تشرح لهم أهمية دور الولايات المتحدة في الشؤون الدولية؟

صوّت جزء من الناخبين لصالح دونالد ترامب لأنهم اعتبروه زعيماً قوياً. يريد الأميركيون أن تستعيد الولايات المتحدة قوتها. حتى أن عدداً كبيراً منهم مستعد لمسامحة الرئيس على طريقة تواصله عبر «تويتر» وعلاقته بالصحافة ما دام يجدد قوة الولايات المتحدة وازدهارها. ربما ساد ارتباك معيّن على الصعيد الدولي لذا كان يجب أن نُطمئِن الأطراف إلى أن مبادئ السياسة الخارجية الأميركية لا تزال على حالها!

جون ماكين يدعم الرئيس

قال جون ماكين عن علاقة دونالد ترامب بالصحافيين: «تاريخياً، أول ما يفعله الحكام الدكتاتوريون هو منع الصحافة». هل يظنّ ديفيد بترايوس أنهما يستطيعان التوصّل إلى تفاهم؟ يجيب في هذا الشأن: «تناولتُ العشاء مع السيناتور ماكين أخيراً، ولا شك في أنه سيعارض بعض تصرفات الرئيس. في النهاية، هذا هو عمل أعضاء الكونغرس... لكن حتى لو تحفّظ على بعض قرارات الرئيس أو تصريحاته، إلا أنه يدعم جزءاً آخر منها».