في المدرسة الكويتية
"انفراجة الجناسي، الغانم: حل الأزمات بالحوار لا بالتصعيد والجهود الخيرة يبارك فيها الرحمن... انفراج في ملف الجناسي..."، تلك كانت بعض العبارات التي جاءت في عدد من مانشيتات صحف أمس الاثنين، أخبار بشرتنا بالأمل القادم قريباً لمن سحبت جناسيهم أو أسقطت عنهم في السنوات "القليلة" الماضية أو "ربما" سحبت من سنوات "كثيرة" ماضية حسبما يراه أهل السياسة وأصحاب القرار، وهم أبخص في أي حال عندما يقررون ويحسمون المعيار الفارق بين القليل والكثير الزمنيين، ولمن يجب أن تمنح لهم الجناسي ومن يجب أن تطوى صفحتهم، مرة ثانية أهل السياسة والقرار أبخص.أيضاً مشاعر الأمل والبهجة التي ظهر بصيصها اليوم ليست قاصرة على من كانوا كويتيين ولم يعودوا مواطنين، بل يفترض أن تمتد لكل من يحمل على كتفيه ثقل الحد الأدنى من الحس الإنساني، وشارك قليلاً في كرب أحزان من كانوا يوماً مواطنين حين سحبت هوياتهم، هذا من باب الغيرية (الإحساس بالغير وبالظلم الواقع عليه) والمشاركة الإنسانية التي تسبق المشاركة الوطنية، أما السائرون تحت ظلال الأنا المتعالية، والذين لهم عوالمهم المغلقة عليهم وعلى من هم على شاكلتهم، فهم لا يكترثون إلا لأحوالهم الخاصة التي هي امتيازات مالية واجتماعية، هؤلاء الخاصة وأصحاب الحظ السعيد يرون ذواتهم كأبراج عالية لا يمكن أن يصيبها طوفان سياسي أو مالي، ولا شأن لهم إن عادت الجناسي لأصحابها أو لم تعد.
قد يشعر بعض السائرين تحت ظلال صدف الخيرات بالحنق بعد أن تأكدت أخبار عودة الجناسي، فهؤلاء يرون بتشف مرض بالغ النرجسية أن الكويت (بثرواتها التي يخشى زوالها) كانت ملكية خاصة "بهم"، وتقليل عدد المواطنين "الطارئين" (حسب قواميسهم) كان مفروضاً منذ زمن، والعقوبة على من مارسوا الكلام خطابة أو كتابة على غير مقتضى (كما يتصورون ويحددون أصول الفكر المتعارف عليها عندهم) مسألة واجبة، فهم والمقصود "الذين كانوا يوماً ما مواطنين" نسوا أن يبلعوا ريقهم كما جاء في نصوص مدونة اللواء مازن الجراح، وحقت عليهم بالتالي عقوبة جريمة عدم بلع الريق.بعد قرار تفويض إعادة الجناسي للرئيسين يظل الأمل باقياً بعودة الفرح للكثيرين، فمانشيتات صحف أمس بكلماتها المطمئنة تبشرنا به، فقد تم تعلم الدرس هذه المرة جيداً للطلاب "المارقين" أو لغيرهم ممن "تسول لهم نفوسهم بالمروق"، فهكذا يريد المشرفون على حصص التربية في المدرسة الكويتية، الغريب أن البعض نسي في غمرة الأفراح درس مؤسسة حكم القانون، ففرحنا اليوم وقتي ولحالات من سحبت جناسيهم، أما حالة الأمن اليقيني لوضع المواطنة كحق غير قابل للمساومة حسب القانون فهو في علم المجهول...!