اختتمت في القاهرة أمس، فعاليات اجتماع الدورة العادية الـ147 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، برئاسة وزير الشؤون المغاربية، والاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية في الجزائر، عبدالقادر مساهل، وبحضور الأمين العام للجامعة، أحمد أبوالغيط الذي اعتبر أن المنطقة بـ"عين العاصفة"، وقال إن الجرح السوري مازال ينزف وسط غياب عربي عن سبل التوصل إلى حل سلمي.وعلى الرغم من أهمية الاجتماع، سجل عدد من وزراء خارجية العرب غيابهم، وعلى رأسهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية وقطر والمغرب والبحرين ولبنان، في حين ناقش الحضور 30 بندا تتناول قضايا عربية على رأسها فلسطين والصراع العربي- الإسرائيلي والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، وسبل التصدي لنقل البعثات الدبلوماسية إلى القدس المحتلة ودعم موازنة السلطة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني.
ومن بين البنود التي تمت مناقشتها في الاجتماع قضايا الأمن المائي العربي وسرقة إسرائيل للمياه العربية وتطورات الوضع في سورية وليبيا واليمن والعراق والتدخلات الإيرانية والتركية في الشؤون العربية، ومشروع جدول أعمال القمة العربية في دورتها (28) المقررة في 29 مارس الجاري والمقرر عقدها في المملكة الأردنية الهاشمية، كما ناقش الحضور مخاطر التسلح الإسرائيلي على الأمن القومي العربي، والسلام الدولي، والإرهاب وسبل مكافحته ودعم السلام والتنمية في جمهورية السودان والعلاقات العربية مع التجمعات الدولية والإقليمية.وعلمت "الجريدة" من مصادر مُطلعة، أن الاجتماع شهد خلافات على اثر طلب وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري فك تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية، إلا أن دولاً خليجية تحفظت عن القرار، بينما تمسكت العراق بدعوتها وأيدته لبنان، في حين رفضت القاهرة ودولة الإمارات العربية والمملكة الأدرنية الهاشمية مطلب وجود بدائل للجامعة العربية.وافتتح الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط الاجتماع، لافتاً إلى أن العرب متمسكون بحل الدولتين وعدم تغيير هوية المبادرة العربية، وأضاف: "فلننتظر بعض الوقت على الإدارة الأميركية الجديدة لكي تصيغ موقفها، ولا نأخذه من مؤتمر صحافي (في إشارة لكلام ترامب عن عدم تمسكه بحل الدولتين خلال مؤتمر صحافي مع نتنياهو)"، لافتا إلى أن هناك تصريحا مكتوبا لممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة تقول فيه نتمسك بحل الدولتين. وتابع: "من واقع خبرتي في الأمم المتحدة فإن مثل هذا البيان يصاغ من قبل الخارجية الأميركية لا من قبل المندوب".وأكد وزراء الخارجية العرب على الالتزام الكامل والتمسك بمبادرة السلام العربية كما طرحت عام 2002 دون تغيير، وضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف، بما فيها حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة، وإطلاق سراح جميع الأسرى من سجون الاحتلال، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، استناداً إلى القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، والقمم العربية المتعاقبة.وطالب مجلس الجامعة، في القرارات التي أصدرها في ختام أعمال دورته المجتمع الدولي بإيجاد الآلية المناسبة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام (2016)، والذي أكد ضمن جملة أمور أخرى، على أن الاستيطان الإسرائيلي يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وعقبة في طريق السلام، وطالب إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) بالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. وشدد على أن المجتمع الدولي لن يعترف بأي تغييرات في حدود الرابع من يونيو 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، سوى التغييرات التي يتفق عليها الطرفان من خلال المفاوضات.
دعوة العراق
من جانبه، دعا وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، الدول العربية إلى مراجعة القرار السابق بمنع النظام السوري من المشاركة بأنشطة الجامعة العربية، كما طالب بموقف عربي أقوى في مواجهة التوغل التركي في الأراضي العراقية، منتقدا، في كلمته أمس أمام مجلس الجامعة العربية، غياب سورية عن الجامعة العربية، وقال: "أدعو أشقائي العرب إلى إعادة النظر بشجاعة بالغة في هذا القرار"، مستغربا كيف يمكن أن تمثل الجامعة العربية الأمة بينما يغيب جزء منها؟، ومعتبرا أن "الخلافات تحل بالحضور وليس بالغياب".وتطرق الجعفري إلى الوضع الداخلي في بلاده، لافتا إلى أن "داعش" كان يسيطر على 40 في المئة من أراضي العراق مع بداية تشكيل الحكومة الحالية، وكانت مدافعه تسمع في بغداد، والآن "داعش" محاصر في بضعة أميال في الموصل، وسيدحر قريبا، وتابع: "هذا تحقق من خلال وحدة كل أطياف ومذاهب العراق، فالمعركة ليست بين طائفة وأخرى، بل بين الإرهابيين وكل الإنسانية".فيما أكد أبوالغيط، خلال مؤتمر صحافي عقده عقب انتهاء الاجتماع، أن الوضع العربي ليس جاهزاً لطرح موضوع عودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، وقال: "موضوع سورية طرحه وزير الخارجية العراقي أمام الإعلام، وهذا الأمر مثار في كواليس العمل العربي المشترك، ولكن ليس الوضع جاهزاً لاتخاذ خطوة في هذا الاتجاه، أو تناولها في إطار ثنائي أو ثلاثي أو جماعي".التدخلات الإيرانية
من جانبه، هاجم وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش، إيران واستمرار دورها في تقويض الأمن والاستقرار في العالم العربي، وقال: "لا يمكن أن نقبل بمن يصرح مرارا وتكرارا بأنه يسيطر على أربع أو خمس عواصم عربية، وهو قول متكرر، ويجب أن نتعامل معه"، وقال قرقاش: "إن الدور الإيراني نجده في العديد من الملفات العربية وفي كثير من الأزمات، واستمرارا للطائفية مثلما في سورية واليمن ومتكررة في البحرين"، وتابع: "عالمنا العربي لا يمكن أن يكون مشاعا لجيرانه، خاصة إيران". كما هاجم "مشاهد وصور قادة إيران العسكريين أمام حطام المدن العراقية".وذكرأن "دول مجلس التعاون الخليجي ومن خلال دور كويتي كريم، وضعت أسسا واقعية ومنهجية للتعامل مع طهران تقوم على 3 أرضيات، الأول أن يكون هناك قبول بأن أساس العلاقات الإيجابية هو عدم التدخل في الشأن الداخلي، والثاني قبول طهران بأن ثورتها شأن داخلي، وهي غير قابلة للتصدير إلى الدول العربية، والثالث القبول بمبدأ المواطنة على أساس الوطن وليس المواطنة على أساس المذهب". في إشارة الي رسالة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد. وتابع قرقاش: "هذه هي الأسس التي طرحها مجلس التعاون الخليجي مجتمعا من خلال دور كويتي مميز، وإلى أن تقبل طهران بهذه الأسس وعلاقات جيرة إيجابية وبناءة، يبقى دورها الحالي متدخلا وممتدا ويعرض أمننا واستقرارنا العربي للخطر"، داعيا إلى ضرورة تجاوز هذه المرحلة بسلام مجتمعي، والعبور بقوة كمجموعة عربية مجتمعة.وبشأن الأزمة الليبية، أعلن أبوالغيط أن هناك جهودا لتوسيع الإطار الثلاثي لحل الأزمة الليبية ليصبح رباعيا ليضم الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، وقال أبوالغيط في مؤتمر صحافي: "هناك اتصالات لعقد اجتماع قبل القمة العربية في الأردن، يضم رؤساء وممثلي المنظمات الأربع المعنية بالأزمة الليبية، وهم الأمين العام لجامعة الدول العربية، ممثل الاتحاد الإفريقي رئيس تنزانيا السابق جاكيا كيكويتي، ومارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة لليبيا، وفيدريكا موغيريني مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي".