كتبت مثل هذا المقال قبل أربعة أعوام ونصف تقريبا عندما وُلدت طفلتي ليان، وأكرر محتواه اليوم بتصرف محدود بعد أن رزقنا الله يوم الجمعة الماضي بطفلنا الثاني بشار.نعم لن يتمكن بشار من قراءة هذا المقال إلا بعد حين، إلا أنني فضلت أن أكتبه اليوم تزامنا مع ميلاده كي يفهم أن ما أكتبه لن تتغير قناعاتي فيه مهما طال الزمن.
- أول درس هو أنك يا بشار لم تشارك في أي قرار يتعلق بحياتك إلى الآن، ولن تشارك على المدى القصير على الأقل، فلا اسمك ولا ميلادك ولا والداك أو مكانتهما الاجتماعية أو مستواهما المعيشي أو عقيدتهما، ولا المكان الذي ولدت فيه، ولذلك لا تقبل أبدا أن يحكم الناس عليك في أمور لم تخترها أنت، ولا تعامل الناس أيضا في أمور لم تخترها ولم يختاروها. - كل الكبار يتمنون أن تكون صفحتهم كصفحتك بيضاء لا تشوبها أي نقاط سوداء، ولأنك من البشر فستدنس حياتك أيضا بنقاط سوداء، فاحرص على تقليلها ما استطعت، فكلما زادت النقاط السوداء انكمش بياض الصفحة. - لا أعلم كيف ستكون الحال حينما تكبر، ولكن أعرف جيدا أن هناك شيئاً أغلى من أمك ومني، وهو الوطن المريض اليوم، والذي لن يستمر إلا إن ساهمت أنت ومن معك من أبنائه وبناته في بنائه، فلا تكترث لأي أمر أكثر من ذلك، فالكويت هي الأساس. - قبل 1400 عام تقريبا اختلف المسلمون الأوائل، والإسلام بالمناسبة هو ديانتك التي لم تخترها، أقول اختلف المسلمون على أمورهم الدنيوية واستمر الخلاف وكبر مع مرور الأزمان، وأيا كانت قناعاتك في المستقبل لا تجعل من خلاف تاريخي أساسا لحياتك، فالتاريخ يجب أن نتعلم منه لا أن نعيشه. - ستسمع وتشاهد أفرادا من بلادك يسعون إلى تدمير وطنك بصراع ديني أو عنصري بغيض، حاربهم ولا تجاملهم واعلم جيدا أن أي مكان للعمل العام سياسيا كان أو طلابيا أو اقتصاديا تجتمع فيه فئة ذات دين واحد أو مذهب واحد أو عائلة واحدة أو قبيلة واحدة هو مكان سيئ موبوء تجب محاربته والقضاء عليه ليدوم وطنك. - عامل المدرسة والشارع والمستوصف والجمعية والمجمع والنادي كما تعامل بيتك، فلا تشوه تلك الأماكن فهي بيتك فعلا، واعلم جيدا أن كل كائن حي له الحق في الحياة كما لك الحق فيها. - وطنك الكويت يقطنه أناس يختلفون في آرائهم وانتماءاتهم وجذورهم، وما يحكم بينكم هو كتاب يسمى الدستور وضعه أجدادنا لنا لينظم علاقتنا ويمنحنا المساواة بين الجميع دون تمييز بسبب دين أو لغة أو جنس أو أصل فاقرأ الدستور والتزم به. - ستجد أناسا كثيرين يختلفون مع آرائك وأفكارك، بل قد يعارضونها بشدة فلا تمنعهم، وإن لم تصلوا إلى نقطة اتفاق فلا بأس، فالتنوع مطلوب بل مفيد جدا لتقويم الآراء والوصول إلى رؤى وأبعاد مختلفة في النظر للأمور.- هناك من قدم روحه ودمه دفاعا عن الكويت كهشام العبيدان وأحمد قبازرد ويوسف الفلاح وقشيعان المطيري اقرأ عنهم عندما تكبر وتعلّم منهم كيف تكون، فهم وزملاؤهم من أفضل رجال بلادي على الإطلاق. - ختاما، نادي القادسية هو عشقٌ جميل وعبدالله رويشد صوت رائع فاسمعه.
مقالات
إلى بشار علي خاجه
08-03-2017