كريم العراقي: الترحال كتب شعري بـ «لهجات» كل العرب
جماهير حاشدة حضرت الأمسية فاضت بهم قاعات وحديقة رابطة الأدباء
ألقى كريم العراقي مجموعة من القصائد في الأمسية الاستثنائية التي حضرها في الكويت، والتي كان من المفروض أن تقام منذ 43 عاماً، أبكى فيها الحضور الحاشد تارة، وأيقظ الشجن فيها مرات.
عطّر الشاعر العراقي الكبير كريم العراقي سماء الكويت بكلمات أغانيه التي كتبها لكبار المطربين العرب، وبقصائده التي لم تغن، ببساطة الكبار وتواضع غمره حسن المنطق، وسحر الأسلوب، وجمال العرض، في واحدة من الأماسي الشعرية الجميلة التي شهدتها رابطة الأدباء في الكويت، حيث غصت قاعاتها وساحاتها الداخلية والخارجية بجماهير وضعت لهم شاشات عرض.وأحيا العراقي الأمسية بمجموعة قصائد منه، ومما يطلبه عشاق شعره، في سهرة امتدت إلى أكثر من ساعة، وسط انبهار وانشداد الحضور لقصائده وحلاوة حديثه وصوته العذب القوي، الذي عندما غنّى داعب الأحاسيس، وعندما أنشد شاعراً لامس شغاف القلب بقصائده وصور كلماتها الرشيقة، التي تنم عن خيال واسع ومقدرة وتجربة كبيرة وغنية يتمتع بها الشاعر مطوعاً فيها اللغة.وأتحف العراقي في البداية الحضور بمشاعر جميلة نقل خلالها ما يحمله من حب وطيبة وصدق لشعب الكويت، البلد الكريم والمضياف، ومنارة الثقافة والعلم والأدب والفنون، وأبناء بلده الموجودين فيها، والإنسانية في كل مكان، مطرزاً حديثه بقصائده الجميلة النابضة بالحب والحياة والعزيمة لمواصلة الدرب، رغم أن بعضها كانت تتحدث عن الويلات والمآسي، لكن المرح والفرح سادا القاعة ومن فيها.
بدوره، كشف مدير الأمسية عبدالله الفيلكاوي أن هذه الأمسية تأخرت 43 سنة، وتلقف كريم المعلومة، وأوضح أنه تلقى دعوة في أكتوبر 1972، عندما كان في المرحلة المتوسطة من الشاعر الحاضر (الغائب) فايق عبدالجليل، بعد فوزه بجائزة الشعر في العراق، الذي كان عبدالجليل أحد محكميها، وعندما كان يعزم على الحضور إلى الكويت استجدت ظروف جعلته يؤجل قرار سفره إلى الكويت (دانة الخليج)، موجهاً الشكر إلى نائب رئيس تحرير جريدة "القبس" عبدالله المضف، والأمين العام لرابطة الأدباء طلال الرميضي، اللذين لعبا دوراً كبيراً مع غيرهما ليكون حاضرا في هذه الليلة، التي يعتبرها "عروسة الأماسي".
تحية لفايق عبدالجليل
واستهل العراقي الأمسية على غير عادته في كل الأمسيات التي أحياها بقصيدة تحية إلى روح الشهيد فايق عبدالجليل، الذي اعتبره ملهمه ومعلمه فقال "مشتاق اليك بعدد الليالي اشتاقلك/ فايق ابوفارس الغالي /كرسي البطل من قال خالي".وأوضح أنه دأب على بداية أي أمسية له بقصيدة تحية إلى أمه، حتى ان والده احتج، ومن أجل هذا كتب له 4 قصائد تغنى بها كاظم الساهر، وصابر الرباعي، وأصالة، ومحمود أنور، لكن وفي ساحة الخالد فايق عبدالجليل فإنه لا صوت يعلو صوته، وكان يتمنى أن يكون ابنه فارس وأسرته ضمن الحضور في هذه الليلة، لكن ظروف العلاج خارج الكويت حالت دون ذلك.وعبّر عن سعادته لوجوده في الكويت في تللك الأمسية الاستثنائية، وقال "رغم الظروف الصعبة، كانت الكويت موجودة في القلب، وهي بلد الخير والأصدقاء والأحباب، وموجودة في العقل ديرة الثقافة والفنون، وبلد "العربي"، وكان يطلب من كل كويتي قادم إلى العراق أو من كل عراقي ذاهب إلى الكويت مجلة "سلسلة المسرح".وشدد على أنه في هذه الأمسية يحمل وسامين، الأول وجوده مع هذه النخبة المتميزة من أبناء الكويت ومن على أرضها من المقيمين، والوسام الثاني أنه ينشد شعراً في قاعة تحمل اسم سيدة الشعر العربي الدكتورة الرائعة الشيخة سعاد الصباح.تحية للمرأة العربية
ووجه كريم العراقي التحية للمرأة العربية بمناسبة يومها العالمي، ووصفها بأنها البطل الحقيقي في كل قصص الجمال والإصرار في حياتنا.واستهل الامسية بقصيدة "بالأمس في دائرة الهجرة" معلقاً ان حياتنا كلها مآسي ودفعتنا إلى التشرد في بلاد الله وقال:بالأمس رأيته في دائرة الهجرةرأيته...المتعب الجريح مدمن الحروبرأيته رآه كل الناستقدم العراق حاملاً أوراقهتقدم العراق طالباً مرحمة اللجوء صار العراق خارج العراقمخلفاً وراءه النيران والدخانمخلفاً وراءه جمجمة الحضارة...مهاجرون بلا حدود
ومن دائرة الهجرة بعد الانتهاء من التسجيل والحصول على كارت لاجئ أنشد قصيدته "مهاجرون بلا حدود"، فأدمع العيون، وعلا النحيب عندما قال:متى الحقائب تنزل من أياديناوتستدل على نور ليالينامتى الوجوه تلاقي من يعانقهاممن تبقى سليما من أهالينامتى المصابيح تضحك في شوارعناونحضر العيد عيدا في أراضينامتى يغادر داء الرعب صبيتناواستمر كريم العراقي في عزفه على أوتار وجعه ووجع الأمة التعيسة الحزينة من خلال قصائد "أنا الإنسان" حيث قال:أنا الإنسان والنسيان ثوبيأنا وكلمة أنا أول ذنوبيرسالة نزار
عني تعرف انت وعن معاناتي وانتقل كريم بخفة الساحر من الإنسان ومعاناته إلى المال وتأثيره، من خلال طرح قضية شائكة عن "الشرف والمال"، لينتقل إلى الغربة وحياته معها من خلال قصيدة "موال الغربة"، التي جعلت الشاعر العربي الكبير نزار قباني يرسل لها رسالة من لندن في اكتوبر 1996، وقرأها كريم على الجمهور، وجاء فيها "كريم ايها الشاعر الجميل... حين وصلتني رائعتك" موال الغربة" دخلت المطبخ, وضعت شايا "ابوالهيل" وجلست مع استكانة الشاي وامامي بلقيس, وشعرها الطويل الذي كان يغطي المآذن والقباب وأشجار النخل في حي السفينة بالأعظمية، واستطرد: ليست قصيدتك يا كريم, انها قصيدتنا جميعا, نحن المنفيين في فضاء العالم، وعندما شعر كريم العراقي أنه أثقل على متلقيه بأشجانه وأحزانه، تجاوب مع متطلباتهم، فأنشد لهم على سبيل المثال لا الحصر قصائد "ها حبيبي"، و"لاعبة البلياردو"، و"المعطف"، و"المستبدة"، و"المحكمة"، و"باب الجار"، و"كان صديقي"، و"من قال لا يبكي الرجال، و"وين اخدك"، حتى وصل إلى قمة الفرح عندما فاز منتخب العراق بكأس اسيا وكتب له "اغنية جيب الكأس جيبه".مؤتمر صحافي
وعقد كريم لقاء صحافيا عقب انتهاء الأمسية، أكد خلاله ان علاقات الود والصداقة والمحبة مع أهل الفن في الكويت لم تنقطع حتى في أسوأ الظروف، مرحبا بأي تعاون مقبل معهم، ولاسيما عبدالله الرويشيد ونبيل شعيل ونوال.وأشار إلى أن الثنائيات في عالم الغناء العربي أضافت عمقا وقيمة ومعنى، ومنهم على سبيل المثال الثنائي صلاح جاهين وعبدالحليم حافظ، وأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام.وأكد أن الملحن المصري بليغ حمدي لعب دوراً كبيراً في الخروج من عباءة اللهجة وتقديم اللغة التي يفهمها ويشعر بها جميع العرب.وعن جديده قال: انه بصدد كتابة عمل شعري كبير عن الموسيقار العربي الرائع "زرياب"، وأحيا العمل الذي توقف مع كاظم الساهر "ملحمة جلجامش".وأوضح أن التنقل بين الدول العربية بسبب الظروف التي يمر بها العراق أفاده في معرفة اللهجات في مختلف الدول العربية، ومكنه من مخاطبة وجدان أبنائها.وأوضح أنه أبكى المطرب العربي الكبير أبوبكر سالم مرتين، الأولى في القاهرة عندما التقيا، والثانية عندما كتب فيه قصيدة شعر حينما علم بمرضه.
علاقتي بأهل الفن في الكويت لم تنقطع... وتعاون قادم مع الرويشيد ونوال وشعيل
مشروعي المقبل عمل شعري عن الموسيقار العربي الرائع زرياب
مشروعي المقبل عمل شعري عن الموسيقار العربي الرائع زرياب