الترف الوظيفي

نشر في 10-03-2017
آخر تحديث 10-03-2017 | 00:08
 أ. د. فيصل الشريفي تناولت معاجم اللغة معنى كلمة "الترف" باللغة العربية، فذهبت إلى الرفاهية ورغد العيش من مأكل وملبس، ومنها ما يطلق على صفة الشخص الناعم والمدلل الذي يعيش ملذات الحياة، لكني سأضيف إلى تلك المعاني فهماً آخر في عالمنا الوظيفي يخص المترفين اجتماعياً من أصحاب الحظوة السياسية.

قبل فترة تقدمت الحكومة بخطوة إصلاحية نحو تقييم أداء الوكلاء والوكلاء المساعدين، ومن في حكمهم من مناصب قيادية تساعد الحكومة في فرز الغث من هؤلاء القياديين بغية تنظيف القطاع الحكومي منهم، إلا أن هذه الدراسة لم تفعل إلى هذا الوقت، ورغم التسريبات حول أسماء بعض القياديين فمازالت مزاجية الاختيار ومزاجية التجديد حاضرة، ومازال براشوت التعيينات مسيطراً على الساحة بالرغم من اعتراف الحكومة بأن الكثير من شاغلي تلك المناصب قد أتى بالواسطة والمحسوبية.

قرارات ديوان الخدمة المدنية التي تصب في هذا الاتجاه واضحة وفيها معايير المفاضلة محددة لكنها تظل غير ملزمة وتخضع لمزاج الوزير أو لمن يتحكم بالوزير ممن له الفضل في تعيينه، وكأن عالم الإدارة يدور في فلك ينعدم فيه قانون الجاذبية التي تغنى بها نيوتن عالم الفيزياء.

"المكتوب باين من عنوانه" مثل يضرب لحال الإدارة الحكومية، ففي زاوية هي تحاول أن تصحح مسارها، وفي جانب آخر تراها عاجزة عن تطبيق قراراتها التصحيحية ولسان حالها يقول "انفخ يا شريم قال ما من برطم".

هوية الحكومة الإدارية على المحك، فمن غير المقبول ألا تضع حداً لوقف الترف الوظيفي واستنزاف الطاقات الكفؤة والاستجابة لضغوط السياسة رغم تصريحها عن أثر ذلك في ضعف أدائها وفي أكثر من مناسبة، ولذلك هي مطالبة بتفعيل قراراتها دون انتظار، فالشعب سيقف معها وسيدعم أي خطوة إصلاحية تصب في هذا الاتجاه.

بعض القياديين مازال يكابر ويرفض سنّة الأولين في التغيير، ويعتقد في نفسه أنه الرجل الحديدي، وأن الأرض خلت من بعده، متناسيا أن الفارس عليه أن يترجل من صهوة جواده وهو رافع الرأس بدلاً من أن تجره عربة التغيير.

أرجع إلى السادة أعضاء مجلس الأمة بتذكيرهم بالوعد الذي قطعوه على أنفسهم بتقديم مشروع بقانون لآلية الاختيار والتجديد للوظائف القيادية، وإلى هذا التاريخ على الحكومة أن تبادر وتلتزم بما ألزمت نفسها به من قرارات تنظيمية تخص تلك الوظائف، فقد ملّ الشارع من الترف الاجتماعي وتدخل أصحاب النفوذ السياسي.

في الختام أترككم مع هذا الحديث الشريف للحبيب محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤوولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".

ودمتم سالمين.

back to top