غريب أمر المؤسسات الحكومية هنا، فكلما زرت إحداها وجدت المشاهد السريالية ذاتها!! ممرات فارغة تمتلئ برائحة البخور، وأجهزة حاسب جديدة تجمع الغبار في مكاتب مهجورة... أعمال صيانة وطلاء لموظفي المبنى المجهولين! سبات عميق يمتد شهوراً ثم ينقطع بنوبة من "الصحوة" لأيام معدودة تصل إلى أسبوع كحد أقصى، تليها عودة إلى النوم من جديد!! فهل هذه فكرتنا عن التنمية والتحسين؟"تعال باجر" أو "روح إلى فلان"، "عطني بطاقتك المدنية"، عبارات تختصر معاناة المراجعين مع موظفين، ببساطة، لا يريدون أن يعملوا! هم فقط وجدوا أنفسهم هنا في صفقة آمنة، تضمن لهم الكسل مقابل "المعاش"، والحصانة عن الفصل من العمل. أولوياتهم محصورة في تناول الشاي والفطور المُطعم بالنميمة والأحاديث السطحية، والهروب من العمل بأسرع وقت، يملؤهم الشعور بالأحقية ويتناسون الشعور بالواجب والمسؤولية، يلاحظ أيضاً نشاط المراسلين والحراس وعمال الصيانة– باختصار، أغلب العمالة الوافدة- مقارنة بركود السواد الأعظم من "عيال الديرة"... إلا من رحم ربي! مشاهد مكررة ومتعددة، لكنها تعكس الصورة ذاتها، فلا يخفى على أحد أن عجلة المؤسسات الحكومية تسير بالتصوير البطيء، فما فائدة البخور و"الجاكليت" إذا كان الإنجاز شحيحاً؟ وكيف نجرؤ على رفع أصابع الاتهام تجاه أي كان والكثير منا يستحل المال العام بشكل غير مباشر؟ فأين العرفان والعمل لرفعة وطن قدم جميع الخدمات وشتى سبل الراحة مجاناً– أو بمبلغ رمزي زهيد- لأبنائه؟ أؤمن أن التغيير يبدأ من الداخل، لكن ليس الجميع لديه القدرة على التجديف وحيداً، فالمشكلة تفاقمت على مدى عدة عقود من الزمن وأصبحت سلوكاً جمعياً، لذا وجب التغيير الجذري للعديد من السياسات الحكومية في التوظيف وإدارة العمل، كتنظيم الأعمال وتوضيح أدوار الموظفين ومتابعتهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة مع المتقاعسين، فمصالح الناس بين أيديهم.
مقالات - اضافات
معاش مقابل الكسل
10-03-2017