سقوط صدام
تولى صدام حسين رئاسة جمهورية العراق في 1979 ، وتزامنت مع فترته الثورة الإيرانية بقيادة الخميني، وفورا قُرِعت طبول الحرب في بغداد لتمتد إلى ثماني سنوات حتى ارتدع الإيرانيون عن مجرد التفكير في تصدير الثورة الإيرانية إلى الجزيرة العربية! خسر العراق نصف مليون جندي، وقرابة 300 مليار دولار هذا عدا تفكك البنية التحتية ومصافي النفط، فلما رأى صدام محاصرة الديون من كل صوب، أغار على جارته الكويت كي يسدد ديونه.وبعد تحرير الكويت كان من المتوقع أن يعلن بوعدي توبته إلى الباري من خوض الحروب، والتركيز على بناء بلاد الرافدين، خامس أكبر احتياطي نفطي في العالم، واستثمار نهر دجلة والفرات، ومهبط الأنبياء ومهد الأولياء، بلد الحضارة، لكنه أضاع هذه الفرصة ليصنع من هذا الثراء دولة اقتصادية غنية بشعبها وثقافتها، فأبى واستكبر وقام بتصنيع أسلحة الدمار الشامل، وعلى أثر الحصار الاقتصادي في سنة 1995 أصيب العراق بفقر مدقع حتى توسل إلى الأمم المتحدة كي تفك الحصار وتسمح له ببيع النفط مقابل الطعام والدواء.
ومرت السنون فحصد ضربة «ثعلب الصحراء» في 1998 بسبب عدم تعاونه مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعد التفجيرات الأميركية في 11 /9 توجهت أصابع الاتهام إلى صدام بتمويل الإرهاب، ودارت حوله الشكوك عن تصنيعه أسلحة الدمار الشامل، فعادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقيادة محمد البرادعي فلم يجد أي دليل، لكن الرئيس الأميركي بوش الابن اعترض وأكد وجود أسلحة الدمار الشامل والكيماوي، وتحالف مع بريطانيا لغزو العراق في 2003 . دانت الأمم المتحدة الغزو الأميركي البريطاني على العراق، وبعد القبض على صدام في مشهد مهين، تمت محاكمته، وفي 2006 أعدم وانتهى عهده الدموي كما كنا نظن. تمزق العراق بعد صدام فحصد أكثر من مليون قتيل، وأربعة ملايين مشرد في دياره، هذا غير اللاجئين، وعشرة ملايين عراقي يئنون من الألم ويرجون الرحمة والإغاثة، وتفرق أبناء الدين الواحد بين سنّة وشيعة، وساد القتل على الهوية، فلم تبقِ الطائفية ملاذا آمنا لأحد حتى المساجد فُجِّرت، فتلوثت النفوس بالكراهية والبغضاء، مما أدى إلى ولادة كيان «داعش» الحائز «أوسكار» في العنف والدمار، الذي يجند أتباعه باسم الدين، والذي أوصل إلى العالم رسالة مشوهة عن الإسلام بدماء الأبرياء!فإذا سمعتم أحداً يقول: الله يرحم صدام، فربما يقصد أن حال العراق أيام صدام كان أهون بكثير من حاله اليوم، أعان الله الشعب العراقي وفكّ عنه كربته!