الأم المفقودة!
للأم مكانة عظيمة في الشريعة الإسلامية، قُدّمت على الأب في البر والإحسان لما تقوم به من دور بارز في إصلاح المجتمعات وصيانة الأخلاق، فهي الركن الذي يقوم عليه البيت والأساس الذي تبنى عليه الأخلاق، وهي القدوة الكبرى للبنين والبنات، فإن صلحت صلح الأبناء وإن فسدت فسدوا لأنهم يتأثرون بها محبة وقربا وأنسا، وكما قال حافظ إبراهيم: الأم مدرسة إذا أعددتَها أعددتَ شعباً طيبَ الأعراقِ ولكن للأسف، مع هذه المنزلة الطيبة للأم، فإننا نجد أن بعض الأمهات، وهن قلة قليلة، تخلين عن هذا الدور الإنساني المنوط بهن وهو دور حث عليه الإسلام، كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «والمرأة راعيةٌ على بيت زوجها وولدِه»، فتجد الأم المفقودة يتّمت الأبناء مبكرا، جسدها معهم وفكرها مع نفسها، لا نصح ولا إرشاد، تلتقي مع الأبناء عند الأكل والشرب والنوم، وكأنها تعيش في فندق، بلا مسؤوليات ولا أولويات.
والأم المفقودة مشغولة بنفسها وشؤونها الخاصة، الهاتف بيدها تتنقل بين برامج التواصل الاجتماعي ليل نهار، وتفكر متى تزور فلانة ومتى تلتقي بعلانة، شديدة المراقبة لأنواع الماركات، ولهث خلف الموضات، وجودها كعدمه، حظ الأبناء منها الصراخ والشدة في المعاملة، ومع صديقاتها قمة في الأخلاق وروعة في الكلام، ولن أحدثك عن الزوج المسكين فهي غير موجودة في حياته البتة.وإذا نظرنا إلى نتيجة هذا الإهمال في التربية والتفريط في الرعاية نجد أن الأبناء يعيشون حالة من التذبذب في سلوكهم وتصرفاتهم، يتلقفون الأخلاق من هنا وهناك بلا تصفية ولا تحلية، انحدار في المستوى الدراسي، وملل من المنزل، وكثرة في المشاكل، وجفاف عاطفي بين الأبناء، بل يصل الأمر إلى عقوق الوالدين بين الأبناء نتيجة إهمال هذه الأم المفقودة.ومن العجائب أن الأم المفقودة تظهر الضيق إذا تغير عليها الأبناء، وتقول ماذا حدث للأبناء؟ كيف تغيروا؟ من الذي تسبب في تكديرهم؟ يقال لها أين كنت منهم طوال هذه المدة؟ ألم تكوني غارقة في حياتك الشخصية؟! لن ينفع الندم، فسارعي إلى تدارك الأخطاء وتصحيح المسار، فلا تزال في العمر فسحة. الأمهات اللائي تفرغن لأولادهن وبذلن الجهد في التربية وجدن السعادة والثمار الطيبة والحياة الهانئة.* تنبيه: تربية الأبناء ورعايتهم أعظم رسالة تقوم بها الأم الصالحة.