فرحة كبيرة غمرت كل الكويتيين بعد الأنباء التي ترددت عن وجود مكرمة أميرية تتضمن إعادة الجناسي المسحوبة لأهلها، ووصف الكثيرون هذا القرار بالتاريخي، وأنه ليس بمستغرب على أمير الإنسانية، حفظه الله ورعاه، الذي عودنا على كرمه وعطفه الأبوي على أبنائه الذين ربما يخرجون عن النص أحياناً أو يحيدون عن جادة الصواب في أحيان أخرى، فيحتضنهم سموه بقلبه الكبير ويصوب لهم الأخطاء، ويمنحهم الفرصة للتعبير عن حبهم لوطنهم الذي يتسع للجميع.لقد أثبتت لنا حكمة وحنكة صاحب السمو أمير البلاد أن الأزمات والمشاكل لا تحل بالتصعيد والتهديد والوعيد، بل بالحوار والتفاهم والتقارب، خصوصاً إذا تعلق الأمر بملف شائك وحساس مثل ملف الجنسية الذي يحتاج التعامل معه إلى حكمة وتريث بعيداً عن الأصوات العالية والتكسبات السياسية التي يسعى إليها البعض، وتتسبب في تصادم السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث إن التصعيد يؤدي إلى المزيد من التعقيد، وغالباً ما يكون المواطنون هم الضحية ويدفعون الثمن وحدهم.
وفي ظل الإيجابيات الكثيرة التي أحاطت بقضية إعادة الجناسي خرج علينا عدد من نواب مجلس الأمة بتصريحات عنترية يلمحون فيها إلى وجود صفقة مقابل عودة الجناسي المسحوبة تتمثل في التهدئة وتخفيف نبرة التصعيد خلال الفصل التشريعي الحالي، والتنازل عن مناقشة قوانين الجنسية، وتعديل القوانين الانتخابية، وتحصين سمو رئيس مجلس الوزراء من المساءلة، رغم أن هذا الكلام يتنافى مع الديمقراطية والدور الرقابي على المسؤولين الذي وجد من أجله النواب تحت قبة عبدالله السالم لتصحيح المسار الخاطئ وسن التشريعات التي تخدم الوطن والمواطنين.في المقابل أود التأكيد هنا على أن قضية سحب الجناسي يجب أن تصحح تشريعياً، وأن يكون تجريد أي مواطن من جنسيته وفقاً لحكم قضائي يستند إلى مخالفته لقانون الجنسية، لا أن يستغل سحب الجناسي في تصفية الحسابات السياسية وتركيع المعارضين، كما أن ترك إعادة الجناسي المسحوبة في يد الحكومة لا يضمن تحركها الجاد والإيجابي، خصوصاً أنها دخلت في خصومات مع بعض من سحبت جناسيهم، وحصلوا على أحكام قضائية نهائية رفضت الحكومة تنفيذها.لقد تحركت المياه الراكدة في ملف إعادة الجناسي المسحوبة، وهناك بوادر إيجابية لطي هذه الصفحة، وبقي على الحكومة والنواب التهدئة والتعاون في هذه الفترة الحاسمة التي تمر بها البلاد لإنجاز المشاريع التنموية والحفاظ على الأمن والاستقرار وسط الحروب التي تدور رحاها من حولنا، وعلى الجميع أن يتوقفوا عن التأزيم الذي لن يحل مشاكل المواطنين، بل يزيدها تعقيداً، وأن يكون التعاون شعارهم خلال المرحلة المقبلة. حفظ الله الكويت وأهلها من كل مكروه، ومبارك عودة الجناسي لأهلها، وشكراً لجميع الجهود التي أثمرت هذه المكرمة الأميرية.
مقالات - اضافات
مكرمة قائد الإنسانية
11-03-2017