الاحترام أشرف من الحُب!
«ضروري أن نكفر بالحب، ولا ينبغي أبداً تقديمه على الاحترام، المعنى الأول مجرد عاطفة مندلقة، والثاني رزانة وصيانة، أوَلم يستهلكوا معنى الحب حتى الإفلاس؟ أوَلم يبق للاحترام هيبته وفخامته؟»... هذا ما قاله خالد لأخته خولة، فردت: «الحب للنفس شافٍ، ولروحنا مُزَكٍّ، أولم يعطك أهلنا منه القدر الوافي؟ ألم يكن لسعادتك كافياً؟ فلِمَ التشنج المتنامي؟ والمنطق المتعالي؟ أتظلم الحب السامي؟ وهو من آلاء الكريم المتعالي! ناهيك أنه طبياً يضخ هرمون الأوكسيتوسن المطول للعمر البيولوجي! وفي الأحاديث النبوية، أن صلة الرحم تمد العمر وتقوي البدن! فقد قال، صلى الله عليه وسلم «من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه».التفت إلى أخته وهي منفوشة الريش، فقال: «الركود ممدوح يا بنية، الحب لنفسي وجع قاسٍ، ولسعادتي خطره عالٍ، ألم تنالي يا خولة من الاحترام وحده الاحتشام؟ والحفظ والإكرام؟ فما فائدة الحب؟».
ردت بسرعة: «هرمون الأوكسيتوسن تضخه منطقة المهاد بالدماغ لتطرد التوتر وترفع السرور! يضخ بنظرة إلى العينين ومصافحة اليدين، كما يفرزه التفاعل البصري مع كل ما هو محبوب مثل الأرنوب والدبدوب، كما صرحت أكاديميات الفسيولوجيا! ألا تتذكر مقالة جري (قداسة قلبي) 12-11-2016 التي أكد فيها أن العقول هي القلوب؟»، فعادت إلى حجرتها، لتكتب بنفسها إلى أخيها، قائلة: «خالد... كم مرة يذكر فيها حب الله لخلقه في الآيات الحسان؟ وكم من حديث يحث على أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك؟ ألم تعلم ما فعله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، للمسنة حينما رأها بين الناس؟ أجلسها على عباءته المفروشة بيديه، وخاطبها قرابة الساعة، فسألته عائشة، رضي الله عنها، عن ذلك، فقال: إنها إحدى صاحبات خديجة، كنا نذكر خديجة والأيام الجميلة. وكان يقبل ابنته فاطمة، رضي الله عنها، على جبينها يومياً، ليروي لها حبه، فخديجة وفاطمة ومريم وآسية بنت مزاحم أفضل نساء العالمين، فلم يسعف آسية احترام فرعونها لها، بل أنقذها الله بحبها له سبحانه وتعالى، فاستبدل الحب المحرم العبثي بالحب الفارض للاحترام والوقار، ولا تكفرن بصريح القرآن». ورسمت له في صفحة أخرى وردة بهية، ثم دست ورقتيها المعطرتين تحت وسادته. فجاءها باسماً، ليبلغها إنكاره كلامها، ثم ولى عنها إلى المخيمات، فسألت أمها، فقالت: ابنتي... اتعظي بقوله تعالى: «إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ».