أحتاج إلى بعير في ريعان شبابه، ليحمل الأفكار الكثيرة الثقيلة التي ضاق بها دماغي الكريم، والتي تدور حول تطورات موضوع الجنسية.

لكنني لن أتحدث عن هذه التطورات ولا هذا الملف، بل سأشطح بعيداً إلى حيث تلك القاعة في الكلية الفنية العسكرية في القاهرة، عندما كنا "طلبة ضباط"، ومحاضرة التكتيك العسكري التي شرح لنا فيها العقيد درساً عن "تقدير الموقف واتخاذ القرار"، وتطرق لمعارك معينة وقرارات القادة العسكريين فيها، ثم اختتم المحاضرة، كعادته، بسؤال، وطلب الإجابة عنه كتابة: "استطاع العدو احتلال موقع مهم عسكرياً في أرضك، وعندما قررت الهجوم عليه، لاستعادة الموقع المحتل، اختبأ خلف دروع بشرية من النساء والأطفال، فما هو قرارك العسكري، في حال كنت قائد تلك المعركة، إذا علمت أن الموقع المحتل قد يسهّل عملية تغلغل العدو أكثر في أراضيك... هل تصدر أوامرك بالانسحاب من المعركة أم تقرر خوضها؟".

Ad

السؤال محير، لكن الإجابة مطلوبة، علماً بأن الإجابة يجب ألا تحتوي على كلمات مثل: "خسة ونذالة ووضاعة وقلة مروءة، أو الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية" وما شابه، فلسنا في محاضرة علم نفس. يجب أن تكون الإجابة عبارة عن قرار عسكري مختصر في سطر أو سطرين على الأكثر.

والحقيقة أنه سؤال لا إجابة محددة له. بمعنى أن الإجابة تقديرية، كما هو واضح، تختلف من شخص إلى شخص، وتخضع لمزاج القائد ورؤيته ونفسيته وطبيعته وأمور أخرى، وتساعد القادة المعلمين في فهم وتقييم شخصيات الطلبة الضباط.

إجابتي في خانة القرار كانت: أنسحب... حرصاً على أرواح من لا ذنب لهم، وأسعى إلى تغيير الظروف العسكرية.