تناول تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي، تصريح وكيل وزارة الكهرباء والماء حول تكلفة دعم الكهرباء والماء والتي تبلغ سنوياً نحو 2.250 مليار دينار كويتي، واصفاً إياه (أي التقرير) بالضريبة السلبية، أي بيع وحدة الخدمة بأقل من سعر تكلفتها، أو دعم الدخل الفردي بالخصم من الدخل العام.

وقال التقرير، إن الأكثر خطورة هو استمرار الاستهلاك للماء والكهرباء عند مستوياته الحالية، مما يعني بلوغ مستوى الاستهلاك المحلي من النفط نحو مليون برميل يومياً بحلول عام 2035، مما يترك المتاح للتصدير من النفط دون الحد الأدنى الكافي لمواجهة احتياجات الناس الضرورية، حتى بافتراض استمرار أهمية النفط ضمن مكونات الطاقة، وهو أمر حوله شكّ كبير.

Ad

وفي التفاصيل، فإن ما ينطبق على خدمات الكهرباء والماء، ينطبق أيضاً على البنزين المدعوم، فالطبيعة البشرية تسرف في استهلاك ما هو رخيص، والارتفاع في الأسعار، صحيح أنه يساهم في دعم الإيرادات العامة، لكن أهميته الكبرى تكمن في الحد من الاستهلاك.

ولو كان الاستمرار عند هذا المستوى من الاستهلاك لتلك الخدمات والسلع وعند مستوى الأسعار الحالي أمر مستدام، لكان من الممكن التغاضي عنه، لكن استمراره مستحيل، ومن سوف يدفع ثمن عدم إصلاح الأسعار ليس كبار المسؤولين، بل عامة الناس، في وظائفهم وقوتهم وخدماتهم الضرورية.

وطرح هذا الكلام بمناسبة الحديث عن وقف زيادة أسعار تلك السلع والخدمات، يؤكد أن كل ما يقال من حجج حول فساد الحكومة وهدرها صحيح، وأن تسويق مثل هذه السياسات يحتاج إلى حكومة قدوة، وهي غير متوفرة حالياً.

والواقع، أن الإصلاح المالي تبدأ مواجهته وبقوة ضد الفساد والفاسدين، وثانياً بالهجوم القوي على مناحي الهدر في النفقات العامة، وثالثاً بالضرائب الإيجابية وفقاً لقدرة كل طرف على تحملها، وأخيراً ردم فجوة الضريبة السلبية، أو على أقل تقدير، بها مجتمعة في توقيت واحد.

ولكن، الحل أيضاً ليس برفض إصلاح أسعار الخدمات والسلع المدعومة، وإنما بقبول ارتفاعها التدريجي والمشروط ببدء عملي بالخطوات الأخرى، وخلال وقت محدد.

فالمسؤولية العامة، ترتقي عند المواطن إذا شعر بمساهمته في العلاج، وحينها يمكن أن يساهم في الإرتقاء بالمساءلة السياسية أسوة بديمقراطيات دافعي الضرائب.

والحكومة بحكم سيطرة عناصرها الثابتة، سوف تستسلم لأي ضغوط، وتوقف قرارات تعديل الأسعار أو تجعلها دون تأثير حقيقي، وقد يستقيل بعض الوزراء الجادين، لكن، صلب الحكومة الثابتة لن يدفع ثمن ما يمكن أن يحدث للوطن والمواطن في المستقبل، فمعظمهم سوف يعيش ثرياً في أي بقعة يختارها، والثمن الحقيقي سوف يدفعه من يعتقد البعض، وبصدق، بأنهم يدافعون عن مصالحه، أي الغالبية العظمى من الناس البسطاء.

وهناك ضرورة للوقوف للحظة للتفكير، فلم يعد الإصلاح خياراً، إذ إن الكويت أمام مرحلة مفصلية، وخيارها الوحيد هو تحويل كل السياسات إلى ما يضمن الاستدامة، أو البديل وهو الضياع، علاوة على أن ارتفاع عدد الدول الفاشلة في الجوار الجغرافي، لن يستثني سوى الدول ذات الإدارات الحصيفة، ويكمن صلب جودة ونجاعة الإصلاح، في سلامة توقيته، أي اتخاذه في وقت مبكر.