لا ريب أن من يقود المعركة ضد الفساد في الوقت الراهن هم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يرجع الفضل لهؤلاء في كشف الفساد، وبخاصة ذلك المعشعش بكثرة في مفاصل الإدارة الحكومية، وإيضاح حجمه الهائل، وقطعا ليس من المبالغة القول إن حجم الفساد ونوعه راهنا غير مسبوقين على كل المستويات.

واللافت في ما يقوم به هذا النفر الشجاع من مستخدمي الإعلام البديل يتمثل بكونهم يعلقون جرس الإنذار في مواجهة الانهيار الأخلاقي الكاسح الذي يحيق بنا، فالفساد قبل كل شيء يدمر الفضائل الأخلاقية، فهو يسحق الانتماء المدني، والمشاركة الوطنية والديمقراطية والتعامل النزيه والشفافية والتعاطف تجاه الفئات الضعيفة والثقة. والدرس الذي يطرحه أمامنا المجهود الجبار لهذا النفر، أنه من الأهمية بمكان أن تحشد الإمكانات كي لا يتحول الفساد إلى عرف اجتماعي راسخ.

Ad

والجهد المميز لمحاربي الفساد يأخذ شكله من خلال شواهد دامغة وأخرى موثقة بشكل متقن تظهر بجلاء حوادث الفساد وشخوصه، وللحق ساهم ذلك في صنع وعي مجتمعي تجاه قضية الفساد، وخلق رؤية أوضح وأشمل لدى الرأي العام الكويتي حول خطورة آفة الفساد، وبمقدورنا قياس تأثير هؤلاء عند مقارنته بالمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية التي تم نسجها بشكل سريع ومتعجل للقضاء على الفساد فتهاوت سريعا، مبرهنة أنها ليست هي الكفيلة بالقضاء على الفساد والحد من تأثيراته.

وهذا التفوق الواضح يكمن في أن من يتحركون في فضاء التواصل الاجتماعي بعيدين عن التلوث بمستنقعات البيروقراطية الرسمية، ومن ثم يمتلكون حصانة رمزية ضد الفساد. فضلا عن ذلك هناك قدر عال من الشفافية يحكم الفضاء الإلكتروني والاتصالي يتيح للمتابع كشف فساد بعض نجوم التواصل الاجتماعي.

إن القول إن الشارع والرأي العام لا يمكن الركون إليهما في معركة الفساد هو قول ناقص وغير دقيق البتة، فلئن أثبتت التجارب السابقة على أن الانفراد الرسمي بمكافحة الفساد هو الخطأ بعينه، وبات من الضرورة بمكان خلق آليات شعبية للرصد والرقابة، فتلك هي الطريق المضمونة لإدخال قدر معقول من الشفافية والمساءلة في المجتمع ومؤسساته، فقبل كل شيء لن ينحسر الفساد دون تطبيق للشفافية والمساءلة.