ما معنى أن تكون لاجئاً؟
الحرب اللإنسانية السورية الممتدة نارها عبر 6 سنوات تقريباً، أكلت الأخضر واليابس، ودمّرت المواطن السوري، هجّرته وأخرجته من داره واستقراره، دمرت حياته، ومسحت عزته وكرامته بشكل مهين ومحزن، وغير معلومة نهايته بعد حرب لم تدمر المدن ومعمارها وبنيتها فقط، بل سحقت روح وعزة الإنسان فيها، وخلقت مشاكل لا تعد ولا تحصى، ومآسي وأحزانا وأوجاعا بلا حصر في زمن اعتاد الناس فيه على كرنفالات ومهرجانات القتل والانفجارات والدمار اليومي، ومواجهتها بالسكوت والبلادة، فهذا هو زمن الخذلان ورخص الإنسان.وأصعب ما في هذه الحروب هو التهجير خارج الأوطان، وليس من السهل أبداً أن يعيش المرء لاجئاً سنوات غير محددة وغير معروف عودته إلى دياره.إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة تكشف أعداداً هائلة من اللاجئين السوريين بلغ عددهم 4.8 ملايين لاجئ، منهم أكثر من مليون في لبنان، 655 ألفاً في الأردن، 2.8 مليون في تركيا، 230 ألفا في العراق، هذا عدا عدد النازحين داخل سورية الذين يبلغ عددهم 6.5 ملايين شخص.
ووصل عدد اللاجئين حول العالم أو من تعنى به المفوضية إلى ما لا يزيد على 3.65 ملايين، منهم 3.21 ملايين أعمارهم تقل 18 سنة، فأعداد البشر هذه عبارة عن سكان مدن بحالها، ولا يسعهم مسمى لاجئين، وهم محتاجون بالفعل إلى إنشاء مدن مؤقتة تؤويهم لا إلى خيام أو مبان عشوائية من الصفيح أو الخشب، مادام ليس معروفا انتهاء زمن إقامتهم. هل نتخيل ما معنى أن يتكدس ملايين من البشر في مساحة مطوقة ومحدودة بمقر علبة سردين أو قفص دجاج يضمهم؟... هل نتخيل المدى الهائل للاحتياجات التي يحتاج إليها عدد سكان دولة محشورين في مساحة محدودة؟هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين مثل عدد سكان دولة، كيف تنظم حياتهم اليومية بدون وجود دولة تقدم لهم البنى التحتية لترتيب حياتهم من مبان ومجار صحية ومستشفيات ومدارس، فضلا عن توفير الوظائف وفرض الحماية والأمن والنظام، طالما الوضع السكاني بحجم سكان دولة؟ولولا وجود المفوضية السامية للأمم المتحدة، فهل نتخيل فقط الصورة المظلمة لهذه الملايين من اللاجئين؟ وما مصيرهم؟ وما الذي سيحدث لهم بذاك الحال؟ صورة سريالية تتفوق على أي خيالالتنظيم الذي قامت به المفوضية لترتيب أوضاع سكان دولة بدون دولة، أنشأت المخيمات وقامت بتأجيرها للاجئين مع تحملهم دفع الكهرباء، وفي المقابل باتت تقدم لهم بطاقات إلكترونية للمساعدات الغذائية من برنامج الأغذية العالمي، كما تقوم بدفع دعم نقدي شهري متعدد الأغراض بقيمة 175 دولارا أميركيا للعائلة الواحدة من خلال بطاقة صراف آلي من المفوضية وشركائها، وبالنسبة لتنظيم المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، تقوم المفوضية بترتيبها مع منظمين للقيام بأعمال مختلفة مثل الدعم الخاص بالمياه، والصرف الصحي، والنظافة الصحية يتم ذلك من قبل اليونيسيف والمنظمات الشريكة، وتتولى البلدية جمع النفايات مقابل 40 دولاراً أميركياً للخيمة الواحدة في السنة، أما الرعاية الصحية فحملت على المستشفيات القريبة ومراكز الرعاية الصحية، وألحق الأطفال بالمدارس الرسمية المجاورة.الأوضاع الصعبة تأتي مع ازدياد البرودة بفصل الشتاء، فتقوم المفوضية بتسليم مجموعات لوازم تجهيز المساكن، تحتوي على ألواح خشبية وخشب رقائقي وأغلفة بلاستيكية ورغوة عازلة ومجموعة أدوات، مع دفع زيادة للمساعدات لمستلزمات فصل الشتاء.عززت المفوضية دعمها للجهات الأمنية بتنظيم دورات وتدريب ضباط، لتنظيم وضع صعب ضبطه.ومع هذا فإن وضع السوريين صعب (%71 يعيشون تحت 3 دولارات في اليوم)، ومدخراتهم نفدت، وفرص العمل في لبنان ضئيلة ومحدودة، لذا بات توظيف أطفالهم وحرمانهم من التعليم وسيلة لزيادة دخل الأسرة، مما سيزيد من أمية الجيل القادم، كما أن هذه الأوضاع غير الآمنة في داخل الملاجئ مع الفقر عملت على ازدياد ظاهرة زواج القاصرات.كيف يسدد هؤلاء اللاجئون إيجارات خيامهم والكهرباء وبقية مصاريفهم؟... إن ذلك يتم عن طريق عملهم مزارعين أو بنائين أو مساعدين في أي مهن يحصلون عليها، ومن خلال هذه الأعمال يحصلون على حق الإقامة في البلاد.الكويت شريك استراتيجي فوق العادة للمفوضية وللمنظمات الدولية، وبلغت مساهماتها في مؤتمرات المانحين الأربع ما يقارب 2 مليار دولار، دفعت من سنة 2013 إلى 2016، وتعتبر مركزاً إنسانياً.