خاص

نصير شمة: آلة العود نافذتي لرؤية جماليات الكون

يحيي حفلاً موسيقياً في الكويت 8 أبريل المقبل

نشر في 13-03-2017
آخر تحديث 13-03-2017 | 00:05
غالب العصيمي ومحمد الديهان يكرمان نصير شمة
غالب العصيمي ومحمد الديهان يكرمان نصير شمة
متواضع، خفيض الصوت، يعتمد في كلماته أسلوب الحسم، مع ابتسامة تحمل في مضمونها حباً للعالم، رغم مرارة تجربته الحياتية... إنه العوّاد العربي الأول نصير شمّة، صاحب التجارب المتميزة في الموسيقى التي يرى فيها عالمه الذي يتمناه لكون خالٍ من الأوجاع والألم.
"الجريدة" التقته فكان هذا الحوار الخاص:
* أسعدت جمهورك في الكويت بعد الأمسية التي أحييتها في المعهد العالي للفنون الموسيقية التي فاض فيها الجمال والأنغام والأحزان... ماذا بعد؟

- سوف أعود للكويت مجدداً لإقامة حفل يوم 8 أبريل المقبل مع فريق يضم نخبة من أمهر العازفين من مختلف قارات العالم وسوف نقدم من خلاله تجربة جديدة في إطار التجارب التي أسعى من خلالها لاكتشاف ما هو أجمل لجعل العود أكثر ديناميكية.

«عولمة العود»

* ماذا تعني لك التجارب الموسيقية؟

- منذ انتهائي من دراستي في معهد الدراسات الموسيقية بالعراق، قبل نحو 31 عاما، وأنا حريص على خوض التجارب التي أهدف من خلالها إلى أن تصل أنغام آلة العود التي تعد آلة عربية وشرقية أصيلة إلى أذن كل عشاق الموسيقى في العالم، عبر النهج الذي أطلق عليه "عولمة العود"، ويجب على الموسيقين العرب الاقبال على التجارب الموسيقية من دون خوف او تردد، لأننا في منطقتنا نملك ثقافة موسيقية عريقة، وإنني أدين للتجارب التي أجريها على آلة العود في تجسيد مأساة العامرية بأسلوب وتكنيك جديد عبر الأوتار، فهي من فرط أهميتها تم تقديمها أكثر من 600 مرة على أكثر من مسرح عالمي، إهداء الى أرواح ضحايا هذه المحرقة الأبرياء.

* آلة العود صاحبة العشق الأول لك... كيف تصف مشاعرك تجاهها؟

- آلة العود هي النافذة التي أرى من خلالها جماليات الكون، ولذلك فهي تعني بالنسبة لي الكثير، بل لا أبالغ اذا قلت تعني الحياة، بأمسها ويومها وغدها، فعبرها أخاطب العالم، وأترجم له مشاعري الوجدانية، ووجهات نظري في العديد من القضايا الانسانية، لأن الموسيقى ترتبط عندي بالسلام ارتباطا وثيقا، فالباحث عن الموسيقى وصوتها كمن يبحث داخله عن السلام الذي له صوت ككل الكائنات الجميلة، لكنه صوت لا يسمعه الخارج، بل يسمعه الشخص في داخله لأنه ينبع منه، والموسيقى أحد أقصر الطرق للوصول إلى الصفاء الذي يرسم معالم السلام.

صاحب الفضل

* ماذا يعني لك العود الذي وهبته كل عمرك؟

- أتمنى أن تدرس دول العالم آلة العود الساحرة ضمن مناهجها الموسيقية، مثلما فعل الموسيقار الهندي رافي شانكر الذي وصل بآلته الجيتار إلى الأذن في مشارق الأرض ومغاربها.

* عينتك اليونسكو "فنان السلام"، ماذا يعني لك هذا اللقب؟

- الفضل يرجع لهذه المرتبة التي وضعت فيها إلى العود بصفة خاصة والموسيقى بصفة عامة، لأن الموسيقى افضل سلاح لمحاربة التطرف وتربية الاجيال على الأحاسيس المرهفة، لكونها صوت الكون وحلمه، حيث تخلق في نفس متذوقيها حالة من التصالح والتوازن.

أنا مجتهد فقط

* ربما تكون عازف العود العربي الوحيد الذي حصل على العديد من الألقاب فأيها تفضل؟

- أنا بطبيعتي ارفض المبالغة في الالقاب والاوصاف، وأفضل ان يطلقوا علي لقب مجتهد يحاول أن يقدم افضل ما لديه من علم، للوصول بعمله الى درجة الإتقان التي تعطي للعالم صورة بأننا اذا اردنا ان نكون في مستوى الاحترافية العالمية فإننا نستطيع لأننا نملك الكثير من الزخم.

* إلى متى الترحال؟ وهل ستعود للاستقرار في العراق؟

- بغداد ليست بالنسبة إلي مدينة كنت أسكنها، ولكنها روح تسكنني مهما بعدت عنها، فإنها هي المستقر والحضن الدافئ.

* ما حكاية الحفل الذي ستقيمه في تل أبيب وأعلن عنه السفير الاسرائيلي في فرنسا؟

- أنا رديت على هذا الموضوع بشكل قاطع على صفحتي في"الفيس بوك"، وقلت كان حريا بالسفير الإسرائيلي أن يترك لي الحرية لممارسة خياراتي، وأنا المؤمن بالسلام والعدالة لا أرفض إنسانا على هذه الأرض، لكن أن يأتيني بوجهه المعلن لا كما تصرف السفير الإسرائيلي بنشره صورة أو خبرا أنا منه براء، لجهلي بمن كان، براءة الذئب من دم يوسف، وللتأكيد لم أكن أعرف أن الرجل الذي جاءني مرتين، وفي الثالثة طلب صورة معي اثناء حفل تنصيبي "فنان السلام" من قبل منظمة اليونسكو، في الحفل الذي اقيم في العاصمة الفرنسية باريس في شهر فبراير الماضي، هو السفير الإسرائيلي، وأنا يوميا أصافح العشرات بشفافية وبيد بيضاء، لكنني لا أستطيع أن أصافح يدا بقفازات، من يتحدث عن الديمقراطية عليه أن يعيشها ممارسة، ومن يأتي لحفل السلام عليه أن يترجم السلام، ومنظمة اليونسكو التي منحتني شرف تمثيل العلاقة بين الفن والسلام لا تعترف بالاحتلال، بدليل قرارها الأخير حول القدس. الفن عدالة أولاً، والسلام عدالة، ولا مسرة للناس تحت نير المظالم، ولا احتاج إلى التأكيد مجددا أن لفلسطين في قلبي مكانة، فقد حدثني أبي عن مدن فلسطينية، وأخبرني عن القدس وحيفا ويافا وغزة ورام الله وجنين وبيت لحم وغيرها من مدن فلسطين العزيزة، حيث كان التسامح بين الناس، ولم تختلف نظرتي أبدا للإنسان بخلفيته الدينية أو الاجتماعية، كنت دائما أقرأ الإنسانية، وما كان يقف دائما بيني وبين غيري سوى التعامل من خلال هذا المنظار.

بغداد ليست مدينة كنت أسكنها ولكنها روح تسكنني مهما ابتعدت عنها
back to top