رياح وأوتاد: دستورية الزكاة والإصلاح الاقتصادي
يجب الآن تطوير قانون الزكاة وتوسيع دائرته بحيث يشمل كثيراً من الشرائح الغنية، خصوصاً بعد أن بينت بعض الجهات المختصة درجات الغنى التي تتمتع بها هذه الشرائح، ولا يخفى أن مصارف الزكاة في الإسلام كثيرة، وتشمل مجالات أخرى تحتاجها الدولة غير الفقراء، فهل سيستجيب أعضاء مجلس الأمة إلى هذا المطلب؟
تابعت القضايا العديدة التي رفعت للطعن في دستورية قانون الزكاة خلال السنوات الماضية، وبحمد الله وفضله تم رفضها جميعاً، وآخرها تم رفضه في الأسبوع الماضي، واحتج رافعو هذه القضايا بأسباب متعددة منها خلاف الأديان والمذاهب وعدم المساواة بين المكلفين وغيرها من الأسباب، ولكن القانون صمد لأنه درس جميع هذه الشبهات المحدثة، وأخذها بعين الاعتبار في صياغته، بالإضافة إلى استناده إلى فتوى شرعية معتبرة. ونجاح هذا القانون الذي يدرّ على البلاد عشرين مليونا سنويا زكاة وخدمات عامة يعتبر شهادة له في الوقت الذي نرى فيه عدداً من القوانين المهمة تسقط دستوريا بسبب عيوب في بعض أجزائها أو صياغتها، والمبدأ الذي تقوم الزكاة على أساسه هو كما وصفه النبي، صلى الله عليه وسلم "صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم"، وهذا المبدأ أخذت به اليوم جميع دول العالم تقريبا التي تحصل الضرائب من الأغنياء لتمويل الدولة وإقامة شبكة خدمات وضمان اجتماعي تقدم إلى الفقراء.
ولكن وللأسف عندما قدمت الحكومة وثيقتها الاقتصادية لم تستفد من هذا القانون، ولم تقم بتطويره وتوسيع دائرته، ولم تيمم وجهها إلى الأغنياء، لكنها اتجهت إلى قانون ضريبة المشتريات، وهي التي يدفعها الغني والفقير بالتساوي عند شراء أي بضاعة، وكأنها تقول للفقير ومتوسط الحال ابتعد عن البضائع الغالية لأنها فوق مستواك، أو لا تشترِ كثيرا لأنك ستدفع كثيراً. لذلك يجب الآن تطوير قانون الزكاة وتوسيع دائرته بحيث يشمل كثيراً من الشرائح الغنية، خصوصاً بعد أن بينت بعض الجهات المختصة درجات الغنى التي تتمتع بها هذه الشرائح، ولا يخفى أن مصارف الزكاة في الإسلام كثيرة، وتشمل مجالات أخرى تحتاجها الدولة غير الفقراء، فهل سيستجيب أعضاء مجلس الأمة إلى هذا المطلب بعد أن أوسعوا الوثيقة الاقتصادية نقدا ورفضا؟