أوروبا والخوف من «العثمانية»!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
لقد بقيت تركيا تقرع أبواب الغرب الأوروبي لسنوات طويلة، منذ نهايات خمسينيات القرن الماضي، لكن هذه الأبواب بقيت مغلقة في وجهها إن في مرحلة السوق الأوروبية المشتركة وإن بعد ذلك، عندما قام الاتحاد الأوروبي، الذي خسر بريطانيا التي كانت تشكل جوهرة تاجه، وهنا فإن المعروف أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل كانت ولا تزال الأكثر رفضاً لعضوية هذه الدولة الإسلامية التي رغم "علمانيتها" المتراجعة فإنها لاتزال تذكر الأوروبيين بأن خيول فرسان الدولة العثمانية قد وصلت إلى فيينا التي تعتبر قلب القارة الأوروبية.إن العذر الذي يسوقه الألمان والهولنديون، لمنع الاستفتاء الذي يريده الرئيس التركي بالنسبة للجالية التركية، التي يقال إن عدد منتسبيها قد تجاوز الخمسة ملايين، هو أن ما يطلبه إردوغان ويسعى إليه سيحوله إلى "دكتاتور" أو على الأقل إلى سلطان جديد كسلاطين الدولة العثمانية، وأن هذا لا يمكن أن تسمح به دولتان "ديمقراطيتان" أوروبيتان، خاصة أن أبناء هذه الجالية التركية أصبحوا مع الوقت مواطنين أوروبيين لا يجوز "استدراجهم" للخروج من أطرهم الديمقراطية والعودة إلى عهود السلاطين... وبالطبع فإن هذه الحجة غير مقنعة على الإطلاق طالما أن المواطن الأوروبي حر وباستطاعته أن يصوت كما يشاء، وأن يعبر عن ميوله بكل حرية وكما يريد!وهكذا فإنه لم يعد هناك إلا اعتبار أن وراء كل هذا التردي في العلاقات بين تركيا وبين هاتين الدولتين الأوروبيتين هو كل هذا التقارب المتسارع بين الأتراك والروس، الذي لا شك أن الأوروبيين يخشون من انعكاسه على دول أوروبا الشرقية التي يبدو أنها لم تصدق حتى الآن أن حلف وارسو قد انهار، وأن الاتحاد السوفياتي لم يعد له وجود، وأن كل ما تعيشه الآن هو مجرد حلم وردي في ليلة مقمرة!