«الخبيئة» و«شخوص»... منحوتات تجريدية مستوحاة من التراث في القاهرة
شهدت القاهرة أخيراً، فعاليات تشكيلية عدة، من بينها: معرض «الخبيئة» للدكتور حسن كامل وضمّ مجموعة من المنحوتات التجريدية، و«شخوص» للنحات أحمد عسقلاني في غاليري «مصر»، و«الشريان» للفنان الفوتوغرافي أيمن لطفي. وحضر المعارض لفيف من النقاد والفنانين ومحبي الفنون الجميلة.
افتتح رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري د. خالد سرور معرض «الخبيئة» للدكتور حسن كامل في قاعة «الباب» بدار «الأوبرا» في القاهرة، وضمّ مجموعة منحوتات تجريدية مستوحاة من التراث، حملت خصائص تجربة كامل الإبداعية بأبعادها الجمالية وخاماتها المتنوعة. قال د. سرور إن أعمال كامل تنتمي إلى المدرسة التجريدية في النحت، وتعزف كُتله وخاماته معزوفة بصرية، تستهدف المضمون وليس الشكل الرتيب التقليدي، وتغوص رؤاه الفلسفية في الجوهر والمعنى، وهو أمر غاية في الصعوبة يجسد توليفة فنية شديدة التعقيد، لكنه نجح بتمكّن في الوصول إلى نقاط غاياته. تابع سرور أن «الخبيئة» مجموعة نحتية لفنان تميّز بعالمه الخاص وأسلوبه اللافت، ومعروف عنه التنوع في خاماته والمزج بينها، وتجربته الفنية جديرة بالمتابعة، لأنه في كل مرة يبهرنا بقدرته على التنقل بسلاسة من مساحة إلى أخرى في رحاب خياله المبدع.
يذكر أن الفنان د. حسن كامل أحد أبرز النحاتين في المشهد التشكيلي العربي، حصل على بكالوريوس كلية التربية الفنية من جامعة حلوان 1991، ودكتوراه في الفلسفة في التربية الفنية 2004، وهو عضو نقابة الفنانين التشكيليين المصرية، و«الخبيئة» معرضه الشخصي السابع، فضلاً عن عشرات المشاركات في معارض جماعية ومسابقات فنية داخل مصر وخارجها.كذلك لديه أعمال نحتية ميدانية عدة، أشهرها تمثال عميد الأدب العربي د. طه حسين من البرونز في ميدان الجلاء بالجيزة (2003)، وهو نال جوائز عدة من بينها جائزة صالون الشباب العاشر (1998)، وله مقتنيات خاصة لدى أفراد في مصر، والكويت، والسويد، والإمارات، ولبنان، وألمانيا، والبرتغال، ومقتنيات رسمية أبرزها في متحف الفن المصري الحديث بالقاهرة، ومقاطعة بروكلين، نيوهامشير في الولايات المتحدة الأميركية، وجمهورية التشيك، ومقاطعة نانتو، فيتشينزا في إيطاليا.
صور سوريالية
في سياق متصل، استضافت قاعة «الباب» بساحة الأوبرا بالقاهرة معرض «الشريان» للفنان أيمن لطفي، وضمّ مجموعة من أحدث أعماله الفوتوغرافية ذات الطابع السوريالي. بحضور لفيف من الفنانين والنقاد، افتتح د. خالد سرور المعرض وقال إن أعمال لطفي الفوتوغرافية معزوفة متناغمة بين رؤية المبدع وموهبته وبين عالم التكنولوجيا وأدواتها وتقنياتها الحديثة، ولها بصمة واضحة تشير إلى شخصه وأسلوبه المتفرد، وقدرته على التحرّر من مباشرة اللقطة التقليدية، والتحليق إلى فضاءات أكثر رحابة وعمقاً ووعياً. كذلك يطرح من خلالها أفكاراً وقضايا عدة في رحاب بيئة بصرية ثرية بالعناصر والرموز والمؤثرات التقنية في اللون والضوء، وكأنه مُخرج فني لمشهد يستثير به وجدان المتلقي ومخيلته لطرح التساؤلات واستدعاء معينه الثقافي وخبراته الإنسانية المتراكمة. وعن «الشريان» قال أيمن لطفي إن معرضه يتناول أعمالاً فوتوغرافية تجريبية وسوريالية، في أطر مركبة تحدث التأثير في وجدان الرائي، وتعكس تفاصيل الواقع الآني، وما يدور في عالمنا العربي من أحداث سياسية وإنسانية واجتماعية. يطلق على أيمن لطفي لقب «سفير الصورة العربية»، وله نشاطات دولية عدة، سواء عروضاً فنية دولية أو مشاركات في لجان تحكيم في مسابقات عالمية، ومحاضرات فنية حول العالم، ويتميز أسلوبه في مجال الفوتوغرافيا بمسحة إنسانية متميزة، فضلاً عن براعته الفنية في اختيار مواضيع أعماله.موروث شعبي
بحضور عدد كبير من التشكيليين والنقاد والكتّاب، احتفى غاليري «مصر» في حي الزمالك بالقاهرة، بافتتاح معرض «شخوص» الذي ضمّ مجموعة حديثة من أعمال الفنان أحمد عسقلاني النحتية، حملت أسلوبه الفني المتمثل في الأجساد والأرجل والأقدام الضخمة والرؤوس الصغيرة.وقال عسقلاني إن معرض «شخوص» يعبّر «فنياً وجمالياً عن قناعاتي الفكرية، ويؤكد أن الخالق ميَّز الإنسان عن بقية المخلوقات الأخرى بالعقل، ولكن أحياناً يمحو الإنسان ذلك ويستخدم القوة الجسدية أو النفوذ، وتصبح الهمجية هي أول دافع للتعامل مع بقية البشر. ورغم ذلك كله، أحاول أن أجمل هذا القبح الذي نرتكبه بأيدينا».ولفت عسقلاني إلى أن منحوتاته ذات صلة بالموروث الشعبي المصري ولها دلالات مهمة، لا سيما المجسدة للحيوانات، كالقطط المرتبطة في بعض الأذهان بالأساطير والخرافات، فيما يتميّز الحمار بتركيبة خاصة في صفاته، فهو ذكي وصبور ومطاوع وحمول إلى أبعد الحدود.من جهته، قال مدير الغاليري الفنان محمد طلعت إن عسقلاني نجح في تسجيل اسمه كأحد نجوم فن النحت المصري حالياً، ولأعماله بصمة خاصة، حيث الرؤوس متناهية الصغر في رسالة تعكس قناعاته، وهي ذات بُعد فلسفي يدحض فكرة الكمال الإنساني، ويعكس كثيراً من البراءة والبساطة.