ورحل السلطان... مهندس النجاحات
بمزيد من الحزن والأسى، تلقيت نبأ وفاة أخي العزيز وصديقي المخلص الوفي، ابن عمي جميل سلطان بن عيسى، طيب الله ثراه، والذي فقدت الكويت برحيله أحد أبنائها البررة، وواحداً من رجالاتها المخلصين، الذين أحبوها مترجمين حبهم إلى عمل جاد، وانتقال من نجاح إلى نجاح، راسمين على وجهها بسمة الاعتزاز.كان، رحمة الله عليه، رجل أعمال فذاً مستنير الفكر، بعيد الرؤية، مبتكراً، مبدعاً مبادراً جريئاً في أعماله، أسس بعد إتمام دراسته الهندسة في الولايات المتحدة الأميركية، أول سوق مركزي حديث في الكويت، وهو "مركز سلطان"، ليغدو سوقاً عصرياً مميزاً وناجحاً بكل المقاييس. كما قام ببناء أول مجمع تجاري، وهو "سوق شرق"، والذي أصبح مزاراً لأهل الكويت، وذلك من خلال الشركة الوطنية العقارية التي اشتراها من الدولة، ثم فاز من خلال تلك الشركة بأول مزاد علني، وحصل على حقوق إنشاء وتطوير المنطقة الحرة في الكويت، غير أن حكومتنا الرشيدة آلت على نفسها أن تقوم بإدارة المنطقة الحرة بنفسها، فأوعزت إلى وزارة التجارة بسحب هذا المشروع الحيوي، مبررة ذلك باحتوائه على بعض الأخطاء! لتتحول هذه المنطقة بعد ذلك إلى فوضى عارمة لا تليق أبداً بالوجه الحضاري الذي كان من المزمع أن يحققه هذا المرفق الاقتصادي والحيوي في الكويت.
بعد ذلك دخل الراحل في مزاد بيع شركة المخازن العمومية، ففاز مع آخرين به، وعلى أثره اشترى حصص جميع شركائه، فاستطاع أن يحوِّل هذه الشركة الحكومية الصغيرة إلى شركة "أجيليتي" التي انطلقت بعد ذلك في طريقها الواسع إلى العالمية، ليرسم لها قصة نجاح أبهرت الكثيرين، فكانت نبراساً لما يستطيع القطاع الخاص فعله إذا ما أعطي الفرص المناسبة للعمل.أما آخر إنجازاته، رحمه الله، فكان مزرعة ياسمين في الوفرة التي أضحت مزاراً رائعاً وعلامة بارزة تشير إلى كيفية استغلال الأراضي الحكومية "البور"، لتتحول إلى زراعية منتجة تساهم فعلياً في الأمن الغذائي في هذا البلد المعطاء.رحمة الله عليك أبا فيصل، أحزننا رحيلك المبكر بعد مرض عضال، أحزننا فقدك رغم يقيننا أن لكل أجل كتاباً، وأن الموت، لا محالة، مآل البشر، وأنه قانون على كل حي، لا يستثني أحداً، جعل الله قبرك روضة من رياض الجنة، وتغمدك بواسع رحمته، وألهمنا نحن، محبيك، الصبر والسلوان، إنه سميع الدعاء، و"إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ".