أُشكك في فكرة أن الجيل الشاب أكثر تحفظاً من الأكبر سناً، وأن هذا يجعل التحفظ ميزة، مع أنه ليس كذلك، إذ يتفوّق الأولاد في رجعيتهم في بعض الحالات على ذويهم، مع أن ذلك لا يحدث عموماً إلا نتيجة حركات دينية، وبريطانيا غير مؤمنة إلى أبعد الحدود، ويُعتبر البريطانيون الشبان أكثر تحرراً وانفتاحاً، حتى مقارنة بنظرائهم في الدول الأوروبية الأخرى، ففي استطلاعات الرأي عبّروا عن مستويات متدنية من الفخر بالوطن وعن عدم استعداد لخوض أي حرب افتراضية.يعكس التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والفجوة بين الشبان وكبار السن مدى تحرر الشبان، وفي الواقع إذا أعدنا إحصاء عدد المشاركين في استفتاء 23 يونيو الذين ما زالوا على قيد الحياة، نلاحظ أن النتيجة أكثر تقارباً، بما أن عدداً كبيراً ممن صوتوا للخروج رحلوا بالتأكيد عن هذه الدنيا، علماً أنني أعتقد أن هذا الوضع يشبه بريطانيا في خمسينيات القرن الماضي. تبدو هذه النزعة التقدمية أكثر بروزاً بين الطلاب، مما يشير إلى أن الذكاء والليبرالية مترابطان أو أن الجامعات أصبحت وسيلة فاعلة لنشر القيم الاجتماعية، أو ربما تروّج أيضاً عقيدةُ السوق الحرة التي تسود بريطانيا لطريقة تفكير أكثر ميلاً إلى النزعة العالمية، وعندما تجتمع طريقة التفكير هذه مع النزعة التقدمية تُدعى أحياناً "الليبرالية الجديدة"، لكن الأوضاع مختلفة على بعد 35 كيلومتراً فقط، حيث يعرب الناخبون الفرنسيون عن حماسة كبيرة للجبهة الوطنية، علماً أن هذا غير مقبول البتة في بلد مثل بريطانيا: لمَ يتصرف الفرنسيون على هذا النحو؟ ثمة عدد من النظريات. تشير إحداها إلى نسبة البطالة العالية بين الشبان، مما يدفع الناس إلى سياسات أكثر تطرفاً، وتعتبر أخرى أن الفرنسيين لا يريدون على الأرجح تبني اللباقة السياسية الأنغلو-ساكسونية، بما فيها المحظورات بشأن العرق: من الإيجابي في هذه النزعة أن الناس في بريطانيا والولايات المتحدة يعربون علانية عن استيائهم من الخطاب العنصري.
وتشير نظرية ثالثة إلى أن فرنسا قطعت على الأرجح شوطاً أكبر على الدرب نحو "الاستبدال الكبير"، مقارنةً ببريطانيا. صحيح أن من الصعب الحصول على أرقام، إلا أن عدد المسلمين في فرنسا يفوق على الأرجح بنحو الضعف مسلمي بريطانيا (نحو 8% أو9% مقارنة بـ4.5%)، فضلاً عن أن نتائج المهاجرين (وأولادهم) أسوأ بأشواط مما نراه في بريطانيا.أعتقد أن التنوع والتسامح يتخذان شكلاً شبيهاً بمنحنى لافر: مع استقبال مجتمع متجانس عدداً أكبر من الوافدين الجدد، يزداد تسامحاً إلى أن يبلغ نقطة تنقلب معها هذه العملية، ويعود ذلك جزئياً إلى كثرة الحوافز السياسية والاجتماعية التي تشجع على الانقسام. اجتازت بريطانيا على الأرجح هذه النقطة الذروة مع بداية الألفية الجديدة، إلا أن فرنسا تسبقها بكثير، وكما تُظهر هذه الدراسة يحب الناس القليل من التنوع لا المبالغة فيه، وذلك لسبب وجيه. أعارض بشدة أن تصل لوبان إلى سدة الرئاسة هذه السنة، وأصبت في توقعاتي بشأن كلينتون ومؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ولكن إذا تواصلت الميول الراهنة، فستحظى لوبان بالتأكيد بفرصة جيدة عام 2022، إلا إذا توقفت الرأسمالية عند هذا الحد.* إيد ويست* «سبكتايتور»
مقالات
لمَ يدعم عدد كبير من الشبان الفرنسيين مارين لوبان؟
14-03-2017