المفترض أن يكون موفد الرئيس الأميركي إلى "أزمة الشرق الأوسط" جيسون غرينبلانت قد وصل إلى الضفة الغربية، إلى رام الله، أمس، لإطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، المتوقفة منذ فترة طويلة، وهذا "يبشر بالخير"، كما يقال، ويدل على أن دونالد ترامب رجل مواقف، وأنه إذا وعد أوفى، وهذا خلافاً لما بقيت تفعله إدارة باراك أوباما، التي ما كان بقي عليها إلا الانتقال والسكن في هذه المنطقة، لكنها لم تفعل شيئاً، ولم تحقق أي إنجاز فعلي خلال ثمانية أعوام، وذلك مع أن جون كيري ما كان يدير ظهره عائداً إلى بلاده حتى تظهر طائرته مجدداً في أحد مطارات إحدى دول الشرق الأوسط.

لا نريد أن نتفاءل كثيراً، إذ ثبت أن التفاؤل بالنسبة لهذا الصراع الطويل المعقد لا ينطبق عليه ذلك المثل القائل: "تفاءلوا بالخير تجدوه"، لكن يبدو أن هذه العودة الأميركية السريعة إلى هذه المنطقة، حيث بدأت القواعد الأميركية القديمة تستعيد حيوية أيام الحرب الباردة بين الغرب والشرق وبين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وبدأت تنشط إن في العراق وإن في سورية وإن في مصر وإن في بعض دول الخليج العربي وإن في ليبيا، والعديد من الدول الإفريقية المتاخمة.

Ad

لقد حولت إدارة باراك أوباما الولايات المتحدة إلى دولة كسيحة ومهيضة الجناح ولمدة ثمانية أعوام عجاف، وهذا كما هو معروف قد انعكس سلباً على كل القضايا والمشاكل والإشكالات العربية، وأهمها إضافة إلى الأزمة السورية والمشكلة العراقية والحرب الطاحنة المحتدمة في اليمن القضية الفلسطينية التي أُدخلت في نفق مظلم، وبات حتى "الأقزام" في الساحة الفلسطينية يمدون أصابعهم إلى أنوف القيادات التاريخية.

الآن وقد وعد دونالد ترامب، وهو لم يخلف وعده، وأرسل موفده، فإنه على القيادة الفلسطينية، التي على رأسها الأخ محمود عباس (أبومازن)، المعروف بعدم عشوائية حركته بل بدقتها، أن تتعاطى مع الأمور بطريقة "رثْي" السجادة الإيرانية، وبحيث تكون كل "غرزة" إبرة في موقعها بالضبط، وهنا فإنه لم يكن ضرورياً مواجهة جيسون غرينبلانت بهذه الشروط الأربعة التي كان يجب الاحتفاظ بها حتى تبدأ المفاوضات وحتى يتضح بالضبط ما الذي يريده رئيس الولايات المتحدة الجديد الذي ورغم "غزارة" تصريحاته فإننا لم نعرف حتى الآن خيره من شره.

كان على القيادة الفلسطينية أن تستمع وبإمعان شديد إلى جيسون غرينبلانت، وأن تعرف أقصى حدود ما جاء به، ثم بعد ذلك تتجه إلى العرب المعنيين، وفي مقدمتهم جلالة الملك عبدالله بن الحسين، الذي سيرأس القمة العربية، التي سيستضيفها الأردن بعد أيام، وذلك ليكون الموقف تجاه ما يريده دونالد ترامب موقفاً عربياً، وكي لا يظهر الأشقاء الفلسطينيون وكأنهم يخوضون معركة ستكون صعبة وقاسية وحدهم، وبعيداً عن العرب الذين من المفترض أن قضية فلسطين لا تزال قضيتهم القومية!