صفاء وطارق
لا بأس أن يكون هناك آراء متعددة حول قضية واحدة، ولا بأس أيضا من الاختلاف الحاد في الآراء، ولكن من غير المقبول أبدا محاولة استغفال عقولنا بقصص وحجج ضعيفة كتلك التي لجأ إليها طارق وصفاء باستخدام أمثلة غير واقعية لتعزيز أفكارهما وأطروحاتهما.
لكي يدعّم شخص ما أو مجموعة أشخاص آراءهم تجاه قضية معينة فإنهم يلجؤون لاستخدام أمثلة واقعية تعزز أفكارهم وأطروحاتهم كي يتقبلها الرأي العام، وهو أسلوب فعّال ومثمر متى ما كانت الأمثلة المطروحة حقيقية، وتعبر فعلا عما يتبنونه من آراء.أما ضعيف الحجة فهو من يلجأ لاختلاق الأمثلة والقصص على أمل أن يصدقها الناس، وبالتالي يعتنقون الفكرة المطروحة من صاحب الحجة الضعيفة، وهو أمر نراه ونسمعه كثيراً من الشخصيات العامة، وفي الأغلب ممن يسمون أنفسهم رجال الدين ممن يختلقون الأكاذيب والقصص الخيالية لخداع الناس ومحاولة تعزيز آرائهم مهما كان الثمن.في الأيام الأخيرة وتزامنا مع شماعة الوافدين الذين أضحوا هم سبب تردي الحال في الكويت، فجأة سمعت من القصص الخيالية ما يضحكني ويحزنني في الوقت نفسه، ما أضحكني هو سذاجة وسطحية الحكايات المروية، وما أحزنني أنها صادرة من شخص يفترض أنه أكاديمي ذو مكانة علمية مرموقة، والأخرى من شخصية سياسية تمثل الأمة بأسرها من خلال عضويتها في مجلس الأمة.
فالدكتور طارق العلوي يقول ليعزز رأيه حول ضرورة إلزام الوافدين بمبالغ من جراء تلقيهم الرعاية الصحية بأن أحد الوافدين أخبر شقيق الدكتور طارق بأنه إن لم يجد ما يأكله في يوم ما فإنه يدعي المرض فيحصل على سرير وغذاء مجاني في مستشفيات الدولة، وهو ما يعني أن هذا المتمارض الوافد يتمكن بادعائه من خداع الأطباء والفحوصات الطبية ليحصل فورا على سرير ووجبة. هذه القصة الطريفة التي يقدمها الأكاديمي طارق العلوي والمقتبسة فيما يبدو من مسلسل "على الدنيا السلام" أو مبروكة ومحظوظة عندما لم تجدا مكانا يأويهما في المسلسل ادعتا المرض وأدخلتا أحد المستشفيات الخاصة لا الحكومية، بمعنى أنه حتى كاتب المسلسل لم يجرؤ على ادعاء أن ما حدث لمبروكة ومحظوظة الكويتيتين تمكنتا من الحصول على سرير في مستشفى حكومي، ولكن في قصة الأكاديمي طارق التي يفترض أن تكون حقيقية تمكن الوافد من الحصول على سرير ووجبة في مستشفى حكومي، علما أن طارق ومن خلال قصته هذه وبغير قصد أساء للكوادر الطبية العاملة في مستشفياتنا، بمن فيهم كوادرنا الطبية الكويتية، حين صوّرهم بالسذج الذين لا يمكن لهم تمييز المريض من المتمارض.أما السيدة صفاء الهاشم ولتدعيم قصتها ادعت أن هناك من يدخلن الكويت من الوافدات لكي يلدن في مستشفى الولادة الحكومي بمقابل دينارين! وهو ما أدى لهجرة المواطنات لمستشفى الولادة والذهاب للمستشفيات الخاصة!!في هذه القصة الطريفة يجب علينا أن نصدق أن الوافدة تخاطر بجنينها فتسافر بالطائرة قبل فترة قصيرة من الولادة وتدفع تذكرة سفر لا تقل عن 150 أو 200 دينار لكي تضع مولودها في الكويت، علما أن الوافدة نفسها يمكنها بهذا المبلغ أن تضع مولودها بمستشفى خاص في بلدها.لا بأس أن يكون هناك آراء متعددة حول قضية واحدة، ولا بأس أيضا من الاختلاف الحاد في الآراء، ولكن من غير المقبول أبدا محاولة استغفال عقولنا بقصص وحجج ضعيفة كتلك، لذلك أرجو من السيد طارق والسيدة صفاء ومن يتبنون آراءهما البحث عن قصص أكثر واقعية لإقناعنا بدلا من تلك الأمثلة المضحكة.