هل تصلح الديمقراطية لمجتمعاتنا؟
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
على هذا الأساس فإن إجابة السؤال آنف الذكر هي النفي، فالنظام الديمقراطي هو أفضل ما توصلت إليه البشرية حتى الآن، وبكل تأكيد هو نظام يصلح لمجتمعاتنا الخليجية مثلما يصلح لأي مجتمع بشري آخر في العالم. في الكويت هناك بعض الملامح الأولية لنظام ديمقراطي، ولكنها ما زالت قاصرة ومُشوهة وتحتاج إلى عملية إصلاح سياسي وديمقراطي شامل وجذري، إذ إنها لا تُشكّل، في وضعها الحالي، نظاماً ديمقراطياً. صحيح أن لدينا وثيقة دستورية متوافقا عليها وطنياً، حيث تضع أسس بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، أي دولة مؤسسات وقانون ومواطنة متساوية في الحقوق والواجبات، لكن الدستور لم يعان من نقطة أنه لم يُطوّر للأفضل كما ينص فقط، بل تمت مخالفته وتجاوزه أحيانا كثيرة، فبقي وكأنه ديكور للتباهي أو مجرد حبر على ورق. وصحيح أيضاً أن لدينا بعض الآليات الديمقراطية مثل الانتخابات العامة وصناديق الاقتراع، ولكن النظام الانتخابي الحالي سيئ للغاية سواء في آلية التصويت أو توزيع الدوائر الانتخابية، كما أنه خفّض نسبة التمثيل الشعبي لأعضاء المجلس، وزاد من حالة التشرذم الاجتماعي ففتّت النسيج الوطني بدلاً من مساهمته في عملية الاندماج الاجتماعي. علاوة على ذلك فإن سقف الحريات في انخفاض، والعمل السياسي غير مُنظّم على أسس مدنية ووطنية تأخذ في الاعتبار مسألة التعددية السياسية، وليس هنالك تداول للسلطة التنفيذية، لذلك فإن تشكيل الحكومة ثابت تقريباً مع بعض التغييرات الشكلية التي تتم على أساس المحاصصة، والانتخابات العامة تخاض بشكل فردي لا عن طريق قوائم نسبية، فيصل إلى المجلس خمسون عضواً بعضهم لا يفقه ألف باء السياسة والعمل البرلماني، ولا يربطهم أي برنامج سياسي في معظم الأحيان، كما أنه ليس بإمكانهم إقرار أي قانون ما لم توافق عليه الحكومة، بل إن الحكومة هي من تُحدد رئاسة المجلس وتشكيل مكتبه ولجانه على الرغم من أنها لم تأت عن طريق المجلس، ولا تحصل على ثقته قبل ممارسة عملها.