قبل نحو أسبوعين من الزيارة المرتقبة لبعثة "صندوق النقد الدولي"، المنوط بها تقييم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، تمهيداً لصرف الدفعة الثانية من القرض، الذي وقعته مصر مع الصندوق، نوفمبر الماضي، وتحصل القاهرة بموجبه على 12 مليار دولار، في ثلاث سنوات، علمت "الجريدة" أن الموازنة العامة للدولة 2017/ 2018 التي ستتم مناقشتها في البرلمان المصري قريباً، تضمنت رفعاً إضافياً للدعم على أسعار المواد البترولية، من 30 إلى 40 في المئة.كانت الحكومة أعلنت التزامها ببرنامج للإصلاح الاقتصادي، بدأته نوفمبر الماضي، بإصدار قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي، إلى جانب إجراءات تتضمن رفعاً كلياً للدعم عن المواد البترولية والكهرباء، خلال خمس سنوات، فضلاً عن حزمة قرارات تتعلق بهيكلة الأجور، وطرح أسهم الشركات المملوكة للدولة للتداول في البورصة، وفرض ضريبة على أرباح البورصة.
وقال مصدر حكومي رفيع لـ"الجريدة"، إن "الحكومة وضعت أسعاراً جديدةً للمواد البترولية، في الموازنة الجديدة، لترتفع أسعارها بنسبة قد تصل إلى ما بين 30 و40 في المئة"، لافتاً إلى أن الحكومة تجري مناقشات موسعة مع البرلمان، لإقناعه بتمرير هذه الزيادة الجديدة.وأضاف المصدر: "لكن البرلمان لايزال مُتحفظاً عن تلك الزيادات، لأنها تؤدي بالضرورة إلى رفع أسعار السلع الأساسية".المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أشار إلى أن الحكومة بررت خطوة رفع أسعار المواد البترولية، بأن سعر العملة المحلية في انخفاض مستمر، الأمر الذي يرفع كُلفة دعم المواد البترولية، وتابع: "الشروط التي تضعها بعثة صندوق النقد هي الدافع الرئيسي وراء رفع أسعار البترول في الموازنة الجديدة، حيث اشترطت رفع أسعار المواد البترولية لصرف الدفعة الثانية من قرض الصندوق".
ردود فعل
وفي أول رد فعل علني من البرلمان، انتقد عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية، النائب أحمد بدراوي، أي توجهات حكومية لزيادة أسعار الوقود، وقال لـ"الجريدة": "المقترح سيلقى رفضاً برلمانياً واسعاً، حال تقدمت به الحكومة وتمت مناقشته في جلسة عامة متوقعة في أبريل المقبل"، في حين اندهشت أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة، عالية المهدي، من نية الحكومة رفع أسعار الوقود في الموازنة الجديدة.وتساءلت المهدي في تصريحات لـ"الجريدة" عن أسباب الزيادة، وقالت: "منتصف 2017 الجاري يفترض أن يشهد إنتاجاً ضخماً من الغاز والبترول المحلي، ومصر ستحصل على حصة تصل إلى ما بين 40 و60 في المئة من إجمالي الإنتاج مجاناً، وأعتقد أن شروط صندوق النقد هي التي تقف وراء هذا الرفع".إلى ذلك، وبينما استمر تراجع الجنيه، أمس، أمام الدولار الأميركي في تعاملات البنوك الرسمية في الدولة، ليسجل (18.11 جنيها مصريا للدولار)، عقد رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل، اجتماعاً مع نائب رئيس البنك الدولي جان واليزر، أمس الأول، لمناقشة فرص التعاون بين مصر والبنك، إلى جانب بحث ترتيب مصر العام فيما يتعلق بمناخ الأعمال والاستثمار، حيث أكد إسماعيل عزم مصر استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي حتى بلوغ الأهداف.على صعيد آخر، وفيما يبدو تراجعاً من مجلس النواب المصري أمام غضبة القضاة ورفضهم مشروع قانون بتعديل "قانون الهيئات القضائية"، الذي كان يُوسع صلاحيات رئيس الجمهورية في اختيار رؤساء الهيئات، وتعديل سن تقاعد القضاة ليصل إلى 72 عاماً بدلاً من 70، وافقت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في المجلس، أمس على إرجاء مناقشة القانون إلى حين إجراء تعديلات جديدة عليه.قرار الإرجاء جاء بناء على طلب رئيس اللجنة بهاء أبوشقة، بعد سلسلة بيانات رافضة لمشروع القانون، من الهيئات القضائية المختلفة.«عنتيبي»
إلى ذلك، وفيما يخص علاقات مصر بدول حوض النيل، قالت صحيفة "الأهرام" القومية، في عددها الصادر أمس، إن "وزراء الري في 6 دول هي (مصر والسودان وأوغندا ورواندا وكينيا وإثيوبيا) بدأوا مشاورات، أمس الاثنين في العاصمة السودانية الخرطوم، لبحث إلغاء قرار تجميد مشاركة مصر في أنشطة ومشاريع مبادرة (دول حوض النيل)، الذي جاء عقب التوقيع المنفرد لبعض دول الحوض على اتفاقية (عنتيبي)، التي استهدفت إعادة توزيع الحصص التاريخية من المياه لدول الحوض". وكانت أغلبية دول منابع النيل قررت، مايو 2010، التوقيع في مدينة عنتيبي الأوغندية على معاهدة لاقتسام الموارد المائية للنهر، ثم وقعت إثيوبيا في 2013 إلى جانب 5 دول أخرى من دول الحوض هي (بوروندي وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا) على الاتفاقية، إلا أن مصر والسودان رفضتا التوقيع، وأعلنت القاهرة وقتها أن الاتفاقية تحرمها من حقها في الحصول على كل حصتها من مياه النيل، وتحرمها من حقها في الاعتراض على إقامة السدود على النهر.الرئيس السابق للجمعية الدولية لتاريخ المياه، الأستاذ في جامعة لندن، فكري حسن، قال إن "تأخر مصر في التوقيع على اتفاقية عنتيبي أضر المصالح المصرية، وأن وزير الري الأسبق محمد نصر علام هو من كان يتخذ موقفاً معارضاً للاتفاقية"، مشيراً إلى ان "الاتفاقية مبنية على القوانين الدولية وتنص على التوزيع العادل والمنصف للمياه".في حين قال أستاذ المياه والتربة في جامعة القاهرة، نادر نورالدين لـ"الجريدة": "الاتفاقية تلغي جميع المعاهدات التي وقعت عليها مصر ودول حوض النيل، وأقرت نسبة كل دولة في هذه المياه، والتوقيع على الاتفاقية يُعيد توزيع مياه النيل من جديد، ومن المؤكد حرمان مصر من حصتها التاريخية 55.5 مليار متر مكعب، كما تمنح الاتفاقية دول حوض النيل الحرية في بناء السدود".