Personal Shopper... كريستن ستيوارت تبدع مجدداً
خاض صانع الأفلام الفرنسي أوليفيه أساياس تعاوناً مثمراً مع كريستن ستيوارت، مقدّماً نجمة Twilight السابقة بطرائق جديدة ومختلفة.
لم نشكك يوماً في موهبة كريستن ستيوارت، فهي لفتت الأنظار كطفلة في Panic Room وفي أعمال مستقلة أبرزها Into the Wild وAdventureland، وبرزت في تجوالها مع مصاصي الدماء في سلسلة الأفلام المخصصة للشباب البالغين. ربما يبدو انسحابها إلى الأفلام المستقلة غير الأميركية أقرب إلى ثورة على سلسلة Twilight، إلا أنها خطوة غنية.يبدو أن صانع الأفلام الفرنسي أوليفيه أساياس فهم تلقائياً جوهر ستيوارت ونجح في تصويره، وفازت هذه النجمة بجائزة «سيزار» (الأوسكار الفرنسية) عن دورها في فيلمه Clouds of Sils Maria.
بلا هدف
تؤدي ستيوارت في العمل شخصية مساعدة جوليت بينوش المتعبة التي تعتني بربة عملها فيما تهيم من دون أي هدف في منزل سويسري مستأجر في منطقة نائية. ثمة أوجه شبه عدة بين الفيلم وبين تعاونهما الثاني. لكن ستيوارت لا تشاطر فيه الشاشة مع أية ممثلة أخرى، فيما تتيح لأساياس التعبير عن مفاهيم الحزن والروحانية من خلال السأم المتشابك الذي يميزها.في Personal Shopper، تؤدي ستيوارت دور مستشارة تساعد الناس في التبضع. تعمل شخصيتها مورين لدى ممثلة اسكندينافية تُدعى كيرا (نورا فون فالدستاتن) في باريس، فتختار لها الملابس والحلي وتوصلها إليها. تعتبر مورين هذا العمل وسيلة سهلة تساعدها في حياتها في باريس. خلال النهار، تختار الأثواب الفاخرة والجواهر لآخرين. أما في الليل، فتحاول التواصل مع روح أخيها التوأم لويس، الذي توفي جراء نوبة قلبية. تزعم أنهما وسيطان روحانيان، وأنها تنتظر منه أية إشارة لتواصل حياتها.في المشهد الافتتاحي في Sils Maria، نرى ستيوارت وهي تعبث بجهاز (أبل) وهي على متن قطار. وفي Shopper، يحوّل أساياس ذلك الجهاز إلى محور الفيلم. خلال رحلة إلى إنكلترا لاختيار بعض الأثواب، تتلقى مورين سلسلة رسائل نصية مقلقة من رقم مجهول يدعي أنه يراقبها ويغوص في أسرارها الشخصية. تشعر بالخوف، إلا أنها تنجر إلى تفاعل تكشف فيه بعض أسرارها. لكن نبرة الخطر تبدو جلية. هل هذا لويس الذي يبعث لها الرسائل بعد موته أم أن المرسل شخص أو شيء أكثر خطورة؟تفكير وتأمل
يدفعنا الفيلم إلى التفكير والتأمل، فيما نشاهد مورين وهي تواصل نشاطاتها اليومية التي تبدو بعيدة كل البعد عن المألوف: اختيار جواهر من صنع كارتييه لا تُقدّر بثمن أو تمضية ليلة في منزل فارغ ومواجهةً الأطياف.تجسّد ستيوارت في أدائها نوعاً جذاباً من سهولة الحياة: شعر مشعث توضبه بتميز أو قميص بالٍ ترتديه بأناقة. وهكذا ينسج أساياس أنماطاً منوّمة في المشاهد التي تظهر فيها مورين وهي تشتري مثلاً كوب قهوة، وتتأمل قصة فستان سهرة، وتنتعل أحد أحذية كيرا عالية الكعب، أو تقود سيارتها الفيسبا في المدينة.وتيرة متصاعدة
لكن تطورات الفيلم لا تُعتبر بطيئة البتة. تتصاعد وتيرة الرسائل المهدِّدة، فيما تسقط مورين في هوة أعمق بسبب هذا التفاعل. تشعر بنوع من التطهير مع استسلامها لمطالب المرسل وخضوعها لهذه القوة المجهولة. وهكذا يتفاقم التوتر في الفيلم تدريجياً ليبلغ ذروة دموية، فتتحرر مورين من شياطينها.إذا بدت لك هذه القصة غريبة، فهي كذلك، إلا أنها تبقى رغم ذلك ساحرة تماماً مع خليط من الواقعية والروحانية يحوّل فكرة الأطياف والأشباح إلى أمر مألوف في حياتنا اليومية.لكن Personal Shopper لا يقف عند هذا الحد. يشكّل هذا العمل دليلاً على إبداع ستيوارت، التي لا تكتفي من خلال أدائها الطبيعي الساحر بتأكيد قدراتها المتنوعة والعالية، بل ترسخ أيضاً أسلوباً تتفرد به وحدها.