هل يتحمل الأتراك في أوروبا عاقبة نوبات غضب إردوغان؟

نشر في 16-03-2017
آخر تحديث 16-03-2017 | 00:07
 المونيتور في 16 أبريل، سيتوجه ملايين الأتراك إلى صناديق الاقتراع للتصويت على رزمة إصلاحات دستوية تركّز السلطة في يد رئيسهم رجب طيب إردوغان، وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن الناخبين الأتراك منقسمون بالتساوي بنسبة 40 في المئة يؤيدون التغيير و40 في المئة آخرين يرفضونه، فضلاً عن 20 في المئة لم يحسموا أمرهم.

يشكّل ملايين المنتمين إلى الإثنية التركية في أوروبا، الذين يحملون جنسيتَين أو يُعتبرون مقيمين دائمين، حديقة غنية للحصول على عدد كبير من الأصوات المؤيدة، وهذا بالتحديد ما يهدف إليه حزب العدالة والتنمية، إلا أنه اصطدم في ذلك أولاً بمعارضة عنيدة في النمسا وسويسرا ثم في ألمانيا واليوم هولندا، إذ عزت كل هذه الدول رفضها السماح لإردوغان وأعوانه بنقل حملات التقسيم إلى القارة الأوروبية إلى مخاوف أمنية.

يسعى إردوغان بحماسة إلى تحوير هذا الرفض، مصوراً إياه كدليل إضافي على أن أوروبا عاقدة العزم على عرقلة رئاسته الفائقة لأنها تدرك أن هذه الخطوة ستعزز قوة تركيا، ولا شك في أن رواية "نحن في وجه العالم" المستهلكة، التي يلخّصها المثل التركي "لا صديق للتركي غير التركي"، خدمت مصالح إردوغان في الماضي، وستعود عليه بالفائدة مجدداً على الأرجح لأنها تساهم في حض القوميين على تأييد رزمة الإصلاحات.

أخبر مارك بيريني، سفير الاتحاد الأوروبي السابق إلى أنقرة والباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، صحيفة آل-مونيتور بأن "أنقرة حصدت حتى اليوم عشرات آلاف الأصوات المؤيدة في ألمانيا وهولندا".

بدأت التطورات تأخذ منحى بشعاً بعد رفض ألمانيا قبل أيام السماح لإردوغان وضع قدمه على الأراضي الألمانية، ما دفع القائد التركي إلى اتهام ألمانيا بالإخفاق في التخلص من ماضيها النازي.

في هولندا، خرج التوتر عن السيطرة بعدما أبت السلطات الهولندية أن تحط طائرة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على أراضيها، وفي وقت لاحق، وصلت وزيرة الشؤون العائلية فاطمة بتول قايا بالسيارة من ألمانيا، ولكن لم يُسمح لها بدخول القنصلية التركية في روتردام، احتشد ألف محتج تركي اكتسوا بالأعلام التركية أمام القنصلية منشدين شعار "يا الله باسم الله، الله أكبر" الإسلامي الذي يُردَّد غالباً في تجمعات حزب العدالة والتنمية.

نشرت الصحف التركية صور شرطة الشغب الهولندية، التي حملت العصي واستعانت بالكلاب في سعيها لاحتواء المتظاهرين الأتراك المضرجين بالدماء، على صفحاتها الأولى وأرفقتها بعناوين مثل "كلاب نازية" أو "سيدفعون الثمن".

عادت هذه المشاهد بفائدة كبيرة على غيرت فيلدرز الشعبوي الهولندي، اليميني المتطرف، والمناهض للمسلمين، الذي تُعتبر فرصه في الانتخابات البرلمانية في 15 مارس مؤشراً يحدد المنحى المتوقَّع بالنسبة إلى أمثاله ممن يخشون الأجانب في أوروبا كافة.

وقد غرّد فيلدرز بأن "الرئيس التركي يكرر أننا نازيون، ويهين الشرطة الهولندية، ما من تهدئة، لنطرد سفير بلاده إلى هولندا وكامل فريق عمله!".

تفاقمت الحرب الكلامية مع نعت جاويش أوغلو هولندا بـ"عاصمة الفاشية"، مستعيناً بشعار تركي ليتساءل عما إذا كان مارك روته وغداً.

كذلك حذّر إردوغان، الذي ذكر في وقت سابق أن الهولنديين "من بقايا النازية"، قائلاً: "إن كنتم مستعدين للتضحية بالعلاقات التركية-الهولندية من أجل الانتخابات، فستدفعون الثمن".

لكن المرجّح أن تركيا ومواطنيها في الخارج هم مَن سيدفعون الثمن، حيث ذكر بيريني أن "العواقب المباشرة تشمل الفتور في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، فضلاً عن ذلك، ستُرجأ قمم الاتحاد الأوروبي [مع تركيا] لفترة طويلة على الأرجح".

وتعليقا على هذا الأمر، تقول فروكيه سانتينغ، وهي مراقبة مخضرمة للعلاقات التركية- الهولندية: "سينعكس ذلك سلباً على الأتراك في هولندا، وهؤلاء يعتبرون راهناً المهاجرين الأسوأ من ناحية الاندماج في المجتمع، ويشعر معظم الهولنديين بالإهانة لأنهم يؤيدون قائداً [إردوغان] يسعى إلى سلب تركيا تدريجياً طابعها الديمقراطي".

وتضيف سانتينغ: "سيتعرض الأتراك الهولنديون لضغط متزايد كي يقرروا لمن سيمنحون ولاءهم: هولندا أو تركيا".

أمبرين زامان *

* «المونيتور»

back to top