شهدت الانتخابات التشريعية الهولندية، التي أجريت أمس، إقبالا كثيفا، مقارنة بتلك التي جرت عام 2012، بعد حملة انتخابية حامية الوطيس، ركزت على قيم الهوية والقيم الثقافية والإسلام، بدلا من القضايا المألوفة التي تتمثل في كسب لقمة العيش.

وفي لاهاي، مقر الحكومة، زاد الرقم على 23 في المئة ظهرا، مقابل 19 في المئة في 2012، وتم تسجيل أرقام مرتفعة في أمستردام وأوتريخت.

Ad

وبدأ الناخبون، البالغ عددهم 12.9 مليونا، التوجه إلى مراكز التصويت صباح أمس وهم في طريقهم إلى العمل أو المدرسة، إذ إن هذه المراكز أقيمت في محطات القطارات والمحلات التجارية وحتى في منازل خاصة.

ودعا رئيس الوزراء مارك روته، الذي يسعى إلى ولاية ثالثة، أثناء ادلائه بصوته في إحدى المدارس في لاهاي، 13 مليون شخص ممن يحق لهم الادلاء بأصواتهم إلى الاستفادة من تصويتهم قائلا: "إنه إنجاز، وان عددا كبيرا من الأشخاص بذلوا جهودا واسعة من أجله".

وتبادل بعض الكلمات مع تلاميذ كانوا يهتفون له، ووعدهم بأن "يصوت يوما لهم". وقال للصحافيين إن "الانتخابات حاسمة لهولندا، وفرصة لتمنع ديمقراطية مثل تلك التي نطبقها، تأثير الدومينو الشعبوي السيئ".

في المقابل، قال زعيم حزب الحرية خيرت فيلدرز، عقب إدلائه بصوته: "أيا كانت نتيجة انتخابات اليوم، الأمور لن تبقى على حالها، وهذه الثورة الوطنية موجودة لتبقى".

وأضاف فيلدرز: "اعتقد أن الأحداث في الولايات المتحدة وربما في دول أوروبية أخرى تدل على أن الناس الطبيعيين يريدون أن يكونوا أصحاب السيادة في بلدانهم".

والانتخابات في هولندا هي الأولى من بين 3 انتخابات أوروبية رئيسية تجرى هذا العام، حيث إن الاحزاب الشعبوية اليمينية لديها تواجد قوي في كل منها، إذ تجرى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية أبريل المقبل، بينما تسعى المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل إلى الفوز بولاية رابعة في سبتمبر المقبل.

وبعد تصويت البريطانيين على الخروج من "الاتحاد الاوروبي"، وفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، تتوجه الانظار إلى حزب النائب المتطرف المعادي للإسلام فيلدرز، الذي تراجع في استطلاعات الرأي الأخيرة بعد تقدم استمر اشهرا.

روته و«النداء المسيحي»

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة، التي نشرت نتائجها أمس الأول، إلى أن "الحزب الشعبي الليبرالي والديمقراطي"، الذي يقوده روته، يتقدم بفارق كبير على حزب فيلدرز.

وسيحصل حزب رئيس الوزراء على ما بين 24 و28 مقعدا من أصل 150 في مجلس النواب في البرلمان الهولندي، لكنه بعيد جداً عن الأربعين مقعدا التي يشغلها في البرلمان المنتهية ولايته.

أما حزب الحرية، الذي تصدر اللائحة لأشهر، فلن يحصل على أكثر من 19 إلى 22 مقعدا، تليه الأحزاب التقليدية، مثل حزب "النداء المسيحي الديمقراطي" و"التقدميين في حزب الديمقراطيين-66".

ويمكن لـ"النداء المسيحي"، الذي هيمن لفترة طويلة على الحياة السياسية في هولندا، أن يصبح أكبر حزب في البلاد، ومن شبه المؤكد أن يشارك في الحكومة.

وخلال الحملة، اقترح هذا الحزب إلزام التلاميذ بترديد النشيد الوطني، وأعاد فتح الجدل حول مسألة ازدواج الجنسية، ووعد، كما قرر حزب روته، بالامتناع عن التعاون مع فيلدرز.

ويتلخص برنامج فيلدرز، الذي يقع في صفحة واحدة، بإغلاق الحدود أمام المهاجرين، ومنع بيع مصاحف القرآن الكريم، وإغلاق المساجد، في بلد يشكل المسلمون 5 في المئة من سكانه.

ويرى الخبراء أنه إذا خرج "النداء المسيحي" من الاقتراع كأكبر حزب سياسي في البلاد، فيفترض الا يشارك فيلدرز في الحكومة، إذ إن غالبية الأحزاب الأخرى ترفض التعاون معه.

تشرذم وعد

ويلزم النظام الانتخابي الهولندي النسبي بشكل شبه كامل، الحزب الفائز بتشكيل تحالفات حكومية.

وقدم 28 حزبا، وهو عدد قياسي، لوائح. وفي مشهد مشرذم الى هذا الحد، يمكن أن يستغرق تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد اشهرا، الفترة القياسية حتى الآن بلغت 208 أيام، وسينبثق نتيجة اتفاق بين 4 أو 5 أحزاب.

وما عقد المشهد السياسي، اندلاع أزمة سياسية في نهاية الأسبوع الماضي بين هولندا وتركيا، بعد منع السلطات الهولندية وزيرين تركيين من المشاركة في تجمعات مؤيدة للرئيس رجب طيب إردوغان.

وخوفا من الهجمات الإلكترونية، سيتم احتساب الأصوات بالكامل يدويا هذه المرة، وستعلن النتائج الرسمية الأسبوع المقبل.